Home / Articles/Books / Articles / ج1 الكوتا الدينية.. قتل للهوية القومية واجهاض للرؤية الوطنية

ج1 الكوتا الدينية.. قتل للهوية القومية واجهاض للرؤية الوطنية

الكوتا الدينية.. قتل للهوية القومية واجهاض للرؤية الوطنية

الجزء الأول

لاني احترم وافتخر بهويتي القومية..
ولاني التزم الوفاء للشهداء الذين سقطوا من اجل حماية وجودي القومي..
ولاني رفضت وارفض التعريب والتكريد والتتريك وكل سياسات الصهر والالغاء القومي بحق اي شعب ومن اي مصدر..
ولاني ارفض ان يكون شعبي لقيطا دون اسم او هوية..
ولاني رفضت وارفض الدولة الدينية..
ولاني رفضت وارفض الذمية..
فاني لن اشارك في الانتخابات على اساس الكوتا الدينية..
واتمنى على شعبي اذا كان ما يزال يؤمن بهويته ووجوده القومي ان لا يشارك في انتخابات الكوتا الدينية..

1- رغم ان كل كاتب عندما ينشر اراءه، وبخاصة عندما تتعلق بموقف عملي محدد (كما هو هذا المقال)، فانه يتمنى ان يؤثر مقاله في قرار وتوجه القراء.. هذا حق طبيعي ولولاه لما كان هناك نشر وحوار.. ولكني اقول بصراحة اني لا اوهم نفسي بان المقال سيؤثر في قرار قراءه من حيث عدم التوجه للانتخابات او رفض التصويت للكوتا الدينية.. وهذا ليس بسبب افتقار المقال الى قوة الحجة بل الى انطباع ترسخ عندي (واعتقد عند معظم الكتاب) ان حواراتنا هي لاغناء المعلومات وللاطلاع على الاراء لا اكثر..
فتاريخ سنوات من الحوارات المفتوحة لم تستطع ان تبدل او تطور قناعات الاكثرية المطلقة من الكتاب والقراء، باستثناء نسبة محدودة وحالات محدودة ومواضيع محدودة. ولكي لا يساء فهمي فان المقصود ان الجهد المبذول في الكتابة هو اكثر بكثير مقابل ثماره في اغناء الحوار وتطوير اداءه وتحريره من الشخصنة والتعنت والاساءات.
هذا الانطباع لا يخص مقالات كاتب معين او موضوع معين بل هو انطباع عن عموم المقالات وعموم الكتاب الاساتذة الذين لهم عندنا كل الاحترام والتقدير.
ولعل السبب الرئيس هو الذهنية التحزبية (ليس بالضرورة حزبية سياسية) وثقافة التعنت التي تربينا عليها في بيوتنا وكنائسنا ومدارسنا ومحيطنا وتحت استعباد حكوماتنا الشمولية.
في الانتخابات يتوجه المرشحون الى الناخبين المترددين اي الذين لم يحسموا قرارهم. ويسعى المرشحون كسب هؤلاء للتصويت لهم.
ولكن برايي، فان النسبة التي تكاد تكون المطلقة لكتاب وقراء ومتابعي مواقعنا الاخبارية هي ممن حسموا قرارهم الانتخابي حتى قبل اعلان المرشحين.. ربما هناك البعض النادر من القراء ممن لم يحسم قراره الانتخابي قبل اطلاق حملة الانتخابات.
ولكن واجب النخب الفكرية والكتاب والمثقفين يبقى الاستمرار في الكتابة وتقديم الرؤى المدعومة بالحجج الموضوعية فالثمار ستكون غنية على المدى البعيد وليس على المدى المباشر وبخاصة مع المواقف العملية (كالانتخابات الحالية).

2- اكرر دعوتي للقراء بعدم تحريف وجهة المقال نحو امور ليست من صميمه، وبخاصة موضوع التسمية.
فموقفي واضح منها تماما ويقوم على مبدا بسيط لو اراد المقابل فهمه:
اننا شعب واحد..
وشخصيا اعرف هذا الشعب منذ طفولتي وتربيتي ومطالعتي بانه الشعب الاشوري، ولذلك استخدم الاسم الاشوري لهذا الشعب واعتبر من يستخدمون الاسم الكلداني او السرياني ضمن هذا الشعب..
واذا كان بين ابناء شعبي من تربى منذ طفولته وفي مطالعاته على الاسم الكلداني، ويؤمن باننا شعب واحد فليستخدم الاسم الكلداني ويعتبرني ويعتبر السريان من ابناء هذا الشعب الكلداني..
واذا كان بين ابناء شعبي من تربى على الاسم السرياني ويؤمن باننا شعب واحد فليستخدم الاسم السرياني ويعتبر الاشوريون والكلدان ضمن هذا الاسم السرياني..
وللراغبين بقراءة تفصيلية عن موقفي من الموضوع، يمكنهم قراءة كتابي (حربنا الاهلية: حرب التسمية).

3- الكوتا الدينية.. قتل للهوية القومية:
استخدامي لفعل (القتل) في هذا العنوان ليس دون مغزى او خلفية..
فالقتل هو انهاء للحياة.. اي ان ما يُقتل هو ما كان حيا الى حين وقوع القتل..
وهويتنا القومية هي هوية حية لشعب حي وتمتلك كل مقومات الحياة كما هي هويات كل الشعوب الحية..
هويتنا القومية تتوافر فيها كل عناصر الوجود القومي الحي من لغة وثقافة وتاريخ وحضارة وتراث ووجود بشري وعطاء انساني وطموح مستقبلي.
فالاشورية ليست مجرد اثار تزين متاحف العالم..
والاشورية ليست مجرد روايات (كان يا ما كان.. كان في قديم الزمان.. كان هناك بشر ومكان.. يعرف نفسه ويعرفه الاخر بانه اشور..)
الاشورية انتماء حي وفاعل ومؤثر في حياة ابناءه..
الاشورية قيمة لها من القدسية ما دفع ابناءها للتضحية والاستشهاد من اجلها..
واحتراما مني لهذه الهوية القومية.. فاني ارفض الكوتا الدينية..

واحتراما مني لوجود متواصل لاكثر من ستة الاف عام.. فاني ارفض اختزاله الى الفي عام رغم كل افتخاري واعتزازي بالفي عام من مسيحيتي المشرقية..
واحتراما مني لتراثي، لالفبائي، لعاداتي، للشواهد الناطقة في ارض العراق ومتاحف العالم..
ارفض الكوتا الدينية..

انساننا وشعبنا في تاريخه الحديث والمعاصر لم يناضل تحت شعار ديني..
انساننا وشعبنا ومؤسساتنا واحزابنا لم تناضل وتضحي وتستشهد وتعاني من اجل مجرد مطالب دينية..
لذلك..
فاحتراما مني للشهيد مار بنيامين شمعون وشهداء السيفو..
واحتراما مني لشهداء سميل وصوريا والانفال..
واحتراما مني للشهداء يوبرت ويوسب ويوخنا، والشهيد المنسي فرنسيس شابو ورفاقه السابقون واللاحقون..
واحتراما مني للـ (خيث خيث الب، المنظمة الاثورية الديمقراطية، الحزب الوطني الاشوري، حزب بيت نهرين الديمقراطي، الحركة الديمقراطية الاشورية، حزب الاتحاد السرياني، المجلس القومي الكلداني، وجميع تنظيمات شعبي) التي لا احد، اكرر لا احد، منها يحمل اسما دينيا ولا برنامجا دينيا فاني ارفض الكوتا الدينية..

4- الكوتا الدينية.. اجهاض للرؤية الوطنية:
هنا ايضا لم استخدم كلمة الاجهاض مصادفة بل تعبيرا عن الحالة القائمة للعراق حيث ما زال لم يلتزم رؤية او يسير في مسار مستقبلي واضح.. فالرؤية الوطنية لعراق مدني يقوم على اساس المواطنة ويفصل الدين عن الدولة ويساوي الجميع امام القانون هي ما زالت رؤية لم تتبلور، ليس في الدستور والتشريعات فحسب بل وفي رؤية الساسة والاحزاب العراقية عموما (باستثناء البعض).
وللاسف الشديد فان احزابنا ليست ضمن هذا البعض بل على العكس تماما فانها تناقض هذه الرؤية بشرعنتها ولهاثها وراء الكوتا الدينية المسيحية بعكس كل برامجها وتنظيراتها وادعاءاتها.
من هنا جاء استخدامي عن قناعة راسخة بان الكوتا الدينية هي اجهاض للرؤية الوطنية.

مسيحيتي اكبر واعظم من ان تقزم بمقاعد يلهث وراءها المنتفعون..
مسيحيتي اكبر واعظم من ان تهمش الى كوتا في بازار البيع والشراء..
ومسيحيتي اسمى من حملة انتخابية تمارس التضليل والتسقيط وكل ما لا يتوافق مع المسيحية وقيمها.
الكوتا الدينية شرعنة للذمية..
والتزاما مني للرؤية الوطنية لوطن لا يفاضل بين ابناءه على اساس الدين..
واحتراما مني لمسيحيتي.. فاني ارفض الذمية.. وارفض الكوتا الدينية..

5- قد يقول البعض (وتحديدا قادة ومرشحي ومساندي القوائم المتنافسة) بانهم مضطرون للترشيح لانهم ان لم يترشحوا فانه سيكون هناك اخرون من كذا وكذا وكذا من الصفات السيئة سيترشحون ويفوزون وبالتالي سيسيئون الى شعبنا وحقوقه باداءهم في البرلمان!!!
كذا!!! يعني على اساس ان اداء البرلمانيين “المسيحيين” السابقين والحاليين واللاحقين كان قمة في الاداء..
وكاننا شعب لا يمتلك الذاكرة ولا يدرك ان البرلمانيين “المسيحيين” لم يحققوا حتى مشاريع قوانين وليس قوانين تخدم شعبنا..
ناهيك عن الاستحقاقات الكبرى لشعبنا بهويته وحقوقه القومية او حتى في مجال خصوصيته وهويته الدينية..
ويكفي لاي منا ان يستطلع محيطه العائلي والاجتماعي واصدقاءه وزملاءه عن اداء البرلمانيين “االمسيحيين” ليجد ان الغالبية المطلقة تقول انه جيدون لانفسهم فقد حصدوا الملايين بينما الشعب يقتل ويهجر وهم يتجولون ويجولون العالم ولا يخجل احدهم بالقول ان في حقيبته الدبلوماسية ملف تهجير مسيحيي الموصل والمسؤولين عن هذه الجريمة!!
اقول حتى بافتراض هذا الافتراض (يقول المثل العراقي: اذهب مع الكذاب الى عتبة داره) فان الية الترشيح والتصويت الحالية للكوتا “المسيحية” لا تحصنها من استحواذ الاخر. الم يكن هروب احد المرشحين من المعيار الثقيل من الترشح على بغداد والالتجاء الى الحاضنة العشائرية نتيجة لهذا الاستحواذ.
(ملاحظة مهمة: سنعود الى مسالة الية الكوتا (ترشيحا وتصويتا) في الجزء القادم من المقال ليس بالسطحية التي يعرضها البعض ويتعامل معها بل من زاوية ورؤية تهدف الى تطوير الكوتا نوعيا).
ونضيف القول:
ان هذا التبرير هو تبرير العاجزين وهو الغطاء التسويقي للرغبة الجامحة للحصول على الامتيازات السياسية والمالية الشخصية حتى على حساب الهوية القومية ودماء الشهداء الذين سقطوا من اجل (الاعتراف بالوجود القومي الاشوري) او (تعزيز الوجود القومي الاشوري).
فهذا التبرير اعتراف صريح بالعجز والخنوع والخضوع وبعدم القدرة على التاثير وصنع القرار..
اقول:
لو كانت القوائم المشاركة انسحبت او قاطعت الانتخابات وطالبت بتعديل خصوصية الكوتا من دينية الى قومية لكان لها صدى اكثر ايجابي وكان لها تاثيرا تحقق معه مطلب التعديل.
ان مقاطعة الانتخابات من قبل التنظيمات القومية والاعلان عن ذلك والمطالبة بتعديل الكوتا الى قومية كما هي في اقليم كردستان كانت ستحقق صدمة ايجابية لدى القيادات السياسية العراقية والمرجعيات الدولية ذات العلاقة والتاثير.
ايدرك الغافلون ان هذه المقاطعة ولهذا السبب الواضح والمطلب المشروع كانت الطريق الاقصر لتعديل الكوتا وتصحيح الخطا.. وكانت الطريق الاقصر للخروج من هذا الانفصام في الشخصية في الاحزاب القومية لشعبنا (جميعها دون استثناء) فهي احزاب قومية مدنية علمانية ترفض الدولة الدينية ولكنها جميعا تلهث وراء الكوتا الدينية وتشرعن الذمية والدولة الدينية.
ان نيل الامتيازات المادية والمنفعة الشخصية هي اكثر اهمية لديها من نيل الشعب لحقوقه وابسطها واولها الاعتراف بوجوده وهويته القومية.

6- شهادات على داء انفصام الشخصية
من السهولة جدا مع الارشيف الالكتروني الموجود على الانترنت العثور على عشرات ومئات التصريحات المقروءة والمسموعة من “القادة السياسيين” الاشوريين برفض الذمية ورفض التعامل معنا على اساس الانتماء الديني.
لن نعود بالذاكرة الى التسعينيات وارشيف جريدة (بهرا) بل نكتفي بشهادة ناطقة هي مقابلة اذاعة (SBS) مع السيد يوناذم كنا في عام 2003:
استمعوا الى صوت النائب “الاشوري” وهو يستبشر بانتهاء عهد الذمية:
https://www.youtube.com/watch?v=mk_B6q70yKI
هل هو يوناذم نفسه اللاهث عام 2009 و2014 ولاحقا 2018 و2022 وراء الكوتا المسيحية؟
لا… لا… اكيد هناك شيئ خطأ.. ربما التسجيل الاذاعي؟ ربما اللغة؟
ام ان هناك الامتيازات؟
يقال: كلام الليل يمحوه النهار..
يضيف البعض: وكلام المبادئ يمحوه الدولار.

ولكي نكون عادلين، فداء انفصام الشخصية ليس محصورا بالسيد كنا وقائمته.. بل يشمل جميع المتنافسين الاخرين..
ومنهم الزوعا2. (طبعا انا ادرك تماما الاسم الرسمي للكيان بانه (كيان ابناء النهرين) ولكني ككاتب امتلك الحق في اختيار تعابير مختصرة توفر الكثير من الشرح. ومصطلح (الزوعا2) هو بين هذه المختصرات. اما لماذا تعبير (زوعا2) فيمكن العودة الى مقالي (رسالة مفتوحة الى الاخوة في زوعا2)
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=702436.0
لنقرا مثلا، لا حصرا، رد السيد رعد ايشايا (القيادي السابق في الزوعا1 والقيادي الحالي في الزوعا2) على مقال السيد هرمز طيرو (مرحبا بالذكرى 35 لتاسيس زوعا) حيث يقول السيد ايشايا ما نصه حرفيا:
(2- وهدة الهدف
اي هدف تتمنطق به  سيدي الفاضل
(عراق ديمقرطي حر) كان الجزء الاول لشعار زوعا منذ تاسيسه
وانت تكتب بقلمك من دولة اقرت واعترفت انه عراق محتل  وضعته في محك التقسيم الطائفي والاثني
(الاقرار  بالوجود القومي الاشوري) اذا تسعفك ذاكرتك وتتذكر كان الجزء المكمل لشعار زوعا قبل ان تنظم الى صفوفه ولتصبح مسؤول قاطع الينوي ……
بجهود وجهي العمله اعلاه تحول نضال زوعا من اجل كوتا مسيحيه في برلمان الاقليم والبرلمان العراقي
هل ضحى الشهداء الاوائل لزوعا بحياتهم من اجل الصلات في الكنائس  سيد طيرو؟؟؟؟؟) انتهى الاقتباس الحرفي.
رابط المقال والرد:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,734170.msg6236205.html
ولكن الزوعا2 ينافس بغيرة وحمية كبيرة للفوز بالمقعد “المسيحي”.

للمقال تتمة في جزءه الثاني (سانشره يوم الجمعة القادم) وفيه:
صراع على الكوتا المسيحية باخلاقية غير مسيحية: تضليل وانكار وتسقيط
نحو تطوير الكوتا: ترشيحا وانتخابا

الخوري عمانوئيل يوخنا

22 نيسان 2014

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *