Home / Articles/Books / Articles / هل من جدوى في التذكير؟ الزوعا ومطلب محافظة سهل نينوى مثالا

هل من جدوى في التذكير؟ الزوعا ومطلب محافظة سهل نينوى مثالا

هل من جدوى في التذكير؟ الزوعا ومطلب محافظة سهل نينوى مثالا

منذ سنوات والقوى السياسية لشعبنا ومرجعياته الكنسية تدعو الى استحداث محافظة سهل نينوى بما يطمئن ابناء السهل من الموزائيك القومي والديني والمذهبي والثقافي الى وجودهم ومستقبلهم بعد ما تعرضوا وما زالوا يتعرضون له من تهميش واضطهاد فاق التهميش الدستوري والسياسي والاقتصادي وغيرها ليصل الى جرائم ابادة جماعية تهدف اجتثاث الوجود ومحوه.
مطلب تشكيل محافظة سهل نينوى هو من المطالب النادرة الذي جمع واجمعت عليه هذه القوى التي اثبتت على مدى اكثر من عقدين كفاءتها واستعداداتها “الاخلاقية” في توظيف ما متاح لها من امكانات ذاتية او جماهيرية او من دعم الحلفاء السياسيين لتسقيط احدها للاخر ومحاولات اغتيال وتصفية جسدية وتخوينه واستنزاف قدرات الشعب وهدر الفرص اكثر من استعدادها لاية مبادرة ولو متواضعة لخدمة الشعب المنكوب والمبتلي بهذه “القوى”.
كما انه مطلب اتفقت عليه بشكل او باخر المرجعيات الكنسية التي هي الاخرى لم تدخر جهدا في استنزاف الشعب وهدر طاقاته في صراعات تسموية تارة وهدم رصيد التاريخ السياسي لقضية هذا الشعب تارة اخرى عبر تقزيم هويته ووجوده الى هوية دينية بغاية وضع اليد عليها سياسيا ووضعها تحت الجبة الكهنوتية التي يتم توسيعها لتكون سلطة سياسية في استنساخ للمرجعيات الدينية للاسلام السياسي. غريب امرنا حيث نحن ضحايا الدولة الدينية وننادي بالمدنية ولكن نمارس الدينية السياسية.
مثلما هو مطلب تم تسويقه اعلاميا في المهجر الشعبي والمؤسساتي، وهو امر جيد رغم رفضنا لحالة التضليل التي تتم ممارستها منذ 1991 بتغييب الحقائق والوقائع عن المهجر، ففي هذا السياق بات تسويق سهل نينوى للمهجر كما لو ان شعبنا مصيره ووجوده محصور حصرا بسهل نينوى الذي بات يسوق على انه مسالة حياة شعبنا او موته في وطنه، متناسين عن عمد وغايات فوبيوية معروفة وجوده الديموغرافي في اقليم كردستان الذي هو عمق لوجوده في سهل نينوى وتواصل له معه ومع امتداداتنا التاريخية والديموغرافية في طور عبدين والجزيرة السورية.
كما يتم تضليل المهجر بشان سهل نينوى عبر تصوير شعبنا كما لو انه القوة الاكبر هناك واننا نمتلك مفتاحه السياسي والديموغرافي في حين اننا احد المفاتيح وربما اضعفها بسبب طبيعة وجودنا الديموغرافي في السهل حيث نحن بشكل جزر منعزلة اكثر من كوننا امتداد ديموغرافي كما هو حال الاخوة اليزيدية والشبك، بالاضافة الى ضعفنا السياسي بسبب عدم حسم خياراتنا وتحالفاتنا السياسية مع القوى السياسية الثلاثة المهيمنة في القرار العراقي (الشيعة، السنة، الكرد) ناهيك عن اصرار بعضنا ومن دون تقديم تبرير او تفسير على ربط السهل بالمركز وعزله دستوريا ومؤسساتيا واقتصاديا عن ديموغرافيتنا في الاقليم في تكرار ارادي لسايكس بيكو ثانية من صنع يدنا.

على اية حال وبالعودة لموضوع او مطلب تشكيل محافظة سهل نينوى، نكرر انه المطلب الذي اتفق الجميع عليه.
ولكن ماذا عن التحرك لتشريعه وتحقيقه؟
الكتل البرلمانية لشعبنا (الرافدين، المجلس الشعبي، الوركاء) ورغم ادعاءها بتاييد المطلب الا انها لم تتحرك تشريعيا تحت قبة البرلمان لتشريعه ونقله من الاعلام والتصريحات والبازار السياسي الشعبوي الى الحراك السياسي التشريعي ومن ثم التنفيذي، بما يتطلبه من كسب حلفاء ولوبي برلماني لتقديم التشريع وتمريره.
بالعكس من ذلك نرى ان “ممثلينا” في البرلمان باركوا قرار البرلمان بتقديس حدود محافظة نينوى وعدم المساس بها في جلسة الاثنين 26 ايلول 2016 التي اصدرت قرار عدم المس بحدود المحافظة الحالية الذي يعني بالضرورة اجهاض مطلب محافظة سهل نينوى.

بل، وامعانا في رفض واسقاط مطلب تشكيل محافظة سهل نينوى، نرى رئيس كتلة الرافدين، السيد يوناذم كنا، في جلسة النقاش في البرلمان الاوربي بمعية السيد رئيس مجلس النواب العراقي الدكتور سليم الجبوري في الصيف المنصرم لا يقدم اية مداخلة او اشارة لهذا المطلب بل بالعكس من ذلك.
من هنا كانت اشارة ايجابية ان يتضمن بيان المكتب السياسي للزوعا في 27 تشرين الاول 2017 دعوة لتفعيل مطلب تشكيل محافظة سهل نينوى.
وهي دعوة تختلف عن دعوات الاخرين ممن ليس لهم تمثيل برلماني في بغداد، فالرافدين لها تمثيل بنائبين، يضاف اليهما شراكتها (لكي لا يزعل علينا البعض اذا قلنا تبعيتها) مع الكتل الشيعية السياسية بما يؤهلها لتقديم مشروع قرار الى البرلمان بهذا المطلب.
فما جدوى ان نزعق ونصرخ ونملأ الفيسبوك دعوات بتشكيل المحافظة اذا كنا لا نتقدم بطلب تشريعه؟
لذلك كانت دعوتي الى الاخوة في الزوعا لنقل المطلب من التصريح الى الخطوات العملية للتشريع.

رغم قناعتي التامة وبحكم درايتي بالسيد يوناذم كنا الذي هو الامر والناهي في الزوعا (من السذاجة الاعتقاد بوجود تنظيم والية صناعة قرار في الزوعا) بانه لم ولن يقوم يوما بخطوة لصالح شعبه ما لم تتضمن اولا مصلحته الشخصية والحزبية (سياسية او معنوية او مادية)، وبكلمات اخرى فان السيد كنا لم ولن يتقدم بخطوة او مطلب لصالح شعبه اذا ترتب عليه خسارة شخصية او حزبية (سياسية او معنوية او مادية)، ولذلك لست ساذجا لاصدق او اتوقع ان السيد كنا سينقل مطلب تشكيل المحافظة الى اروقة البرلمان وقنوات التشريع لان ذلك يعني خسائر شخصية وحزبية له عند شركاءه واولياء نعمته السياسية والمعنوية والمادية.
ورغم درايتي ان السيد كنا ليس ساذجا ليفعل ذلك ما دام يعرف ان شعبه قنوع بتصريحات اعلامية وفيسبوكية ولا يتابع او يتساءل عن مصير هذه التصريحات ومتابعاتها التي يطويها النسيان. السيد كنا يعرف تماما ان شعبنا يمتلك ذاكرة قصيرة من ناحية، وانه يعيش فوبيا (غذاها السيد كنا) تسهل ببساطة تحويل الفشل على الاخرين. هل تتذكرون حقيبة السيد كنا التي كانت معه في السويد بعد الهجمات الارهابية على شعبنا عام 2008 والتي قال حينها انه يمتلك فيها ملفات ووثائق تثبت القائمين بهذه الافعال؟ وهل تتذكرون قوله ان شعبنا الهارب من العراق الى سوريا ليس بغاية الهجرة والهروب بل للسياحة والاستجمام؟ وهل تتذكرون رفضه المستميت لمطلب المحافظة هذه عينها؟ وهل تتذكرون دوره الشخصي والتنظيمي في الاساءات الى كنيسة المشرق ومرجعياتها ليعود بعدها مؤثرا، واحيانا متحكما، بقرار الكنيسة او بعض مفاصلها ومراكزها؟ وغيرها الكثير الكثير التي قيلت وتقال ويطويها النسيان.
اقول رغم ذلك فاني مصر على تكرار الدعوة. فلماذا؟

الاسباب ليست كثيرة ولكنها، برايي، مهمة، خاصة وان مجمل الاسباب لا تخص الزوعا حصرا بل عموم القوى السياسية لشعبنا:
اولا:
 رغم كل اعلاه فانه لربما اكون على خطأ (بل واتمنى ان اكون على خطأ) وان السيد كنا سيلتزم ما ورد في بيان المكتب السياسي اعلاه ويتحرك في البرلمان بغاية تشريع تشكيل المحافظة.
ثانيا: لتشجيع مبادرات المتابعة والمحاسبة من كوادر واعضاء التنظيمات السياسية لشعبنا لما تخرج به قياداتهم من مواقف ومطالبات ودعوات، والتحرر من عبادة وتاليه الاشخاص واعتبارهم معصومين.
ثالثا: للضغط على هذه القيادات للتفكير مليا بما يعلنوه من مواقف وتصريحات من حيث ان هناك من يتابعهم ويطالبهم بالعمل وليس الادعاء والتصريح فحسب. فعلى قاعدة (من افواهكم ندينكم) اني متاكد تماما ان الحاحي (واتمنى الحاح الاخرين) على الزوعا (والاخرين) للانتقال الى الاعمال وعدم الاكتفاء بالتصريحات سيجعلهم يتريثون ويعيدون صياغة بياناتهم الانشائية وتضمينها مطالب تتحول الى خطط وبرامج عمل وليس فقط شعارات فيسبوكية وبطولات دونكيشوتية.
رابعا: لتشجيع المتابعة الشعبية والجماهيرية وتنمية الفكر النقدي لابناء شعبنا لمرجعياته السياسية والكنسية وغيرها، خاصة ونحن على ابواب انتخابات. الانتخابات تفرض سؤالا منطقيا وملحا: هل هناك اساسا ومنذ 2003 اية مسودات ومشاريع قوانين ومقررات تم تقديمها لمجلس النواب لتشريع حقوق شعبنا؟ شخصيا لم اجد واشكر سلفا من يثبت لي خطأي.
لهذه الاسباب كلها سابقى انشر تذكيري الاسبوعي كل يوم سبت بشان دعوة الزوعا للانتقال من الفيسبوك الى البرلمان بشان ما ورد في بيان مكتبهم السياسي في 27 تشرين الاول لتفعيل مطلب تشكيل محافظة سهل نينوى، الى حين الوصول الى احدى ثلاث نتائج:
النتيجة الاولى وهي المثالية وهي اطلاق الخطوات العملية في البرلمان نحو تشريع هذا المطلب واعلام ابناء شعبنا بمستجدات ومتابعات الطلب.
او النتيجة الثانية وهي في اصدار المكتب السياسي للزوعا بيانا يتراجع فيه عن مطلبه.
او النتيجة الثالثة البقاء كما هو الحال الان من استمرار الضحك على الذقون.
ننتظر لنرى

ملاحظة: مطلب تشكيل محافظة سهل نينوى وبيان المكتب السياسي للزوعا لن يكون المادة الوحيدة التي سنلتزم التذكير بها.
فلنفس الاسباب اعلاه سنلتزم التذكير بمواقف وتصريحات اخرى اطلقتها جهات وقوى مختلفة.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، من المعروف ان الزوعا وابناء النهرين والوطني الاشوري اعلنوا صراحة وبملء الفم رفضهم تسمية اقليم كردستان، وحيث ان التسمية هي دستورية عراقية، وحيث ان العراق متوجه الى انتخاب مجلسه النيابي الجديد، وحيث ان مجلس النواب هو الجهة التشريعية الوحيدة المخولة اقتراح تعديلات دستورية، وحيث ان هذه الاحزاب ستخوض الانتخابات البرلمانية هذه، فانه من المنطق والالتزام السياسي لها بمواقفها والالتزام الاخلاقي تجاه شعبها فانه يتوجب عليها تضمين برنامجها الانتخابي انها ستعمل على تبديل اسم كردستان في الدستور العراقي لتكون بذلك منسجمة مع ذاتها ومواقفها المعلنة. وبعكسه فان عليها اعلان تراجعها عن موقفها، او انها تكون منافقة ومتناقضة مع نفسها من جهة، وانها تتبنى وتروج للخطاب الفوبيوي الشعبوي من جهة اخرى وانها تتحمل كل ما الحقه ويلحقه هذا الخطاب من خسائر سياسية لشعبنا.

الخوري عمانوئيل يوخنا
نوهدرا في 20 كانون الثاني 2018

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *