هل أشخصن الأمور والمواقف؟
كثيرا ما اقرا الردود الاتهامية على ما اكتب من اراء او مواقف مدعومة بالحقائق والارقام والوقائع، ان مواقفي هي مواقف شخصية من هذا او ذاك!!!
انه الاسلوب العروبي في الحوار حيث عندما يعجز شخص ما او جهة ما من محاججة الامور بمنطقية فانه يلجأ الى الاساءات والتهجم على الناشر وليس مناقشة المنشور، الاساءة الى الكاتب وليس المحاورة في المكتوب. ومن بين ذلك اتهامه بانه يشخصن الامور.
فاقول ليس دفاعا عن تهمة هي بالاساس باطلة ولكن من اجل التنوير:
• عندما رفضت ونددت بمحاولة التصفية الجسدية في المنصورية 1994 فانه كان بسبب رفضي المبدئي والمطلق لمحاولات الاغتيال.
• عندما رفضت وانتقدت الاغتيال السياسي والتسقيط والتخوين فانه لم يكن موقفا شخصيا مع هذا مقابل ذاك بل هو موقف مبدئي من الممارسة ايا كان القائم بها وايا كان المستهدف منها.
• عندما انتقدت ورفضت وفضحت الخطاب الديماغوجي والتضليلي فانه لم يكن بسبب شخصي بل بموقف اخلاقي ومبدئي. وما انهيار مصداقية الاحزاب ومرجعياتها الا نتيجة طبيعية لهذا التضليل الذي حذرنا منه. فاين الشخصنة؟
• عندما انتقدت ورفضت تسييس وتحزيب المؤسسات القومية فذلك كان من موقف مبدئي لا شخصي. وما انتهت اليه هذه المؤسسات من فشل شبه تام يؤكد صحة موقفي.
• وعندما انتقدت ورفضت اساءة استخدام التبرعات المهجرية فانه لم يكن موقف شخصي بل لضمان الاستمرارية والديمومة في دعم المهجر للتمنية الاقتصادية وفرص العمل وغيرها والتي تساهم جميعها في تثبيت وتعزيز وجودنا في الوطن. ولعل نضب حليب البقرة المهجرية بعد عقدين من سوء الاستخدام هو دليل اثبات على ما انتقدت ورفضت.
• وكذا الامر مع بقية الانشطة والفعاليات الحكومية منها والقومية والمجتمعية فانها كانت من موقف مبدئي لا شخصي.
• وعندما انتقدت ورفضت وانتقد وارفض الممارسات والخطابات الفوبيوية والشعبوية فانها ليست بسبب موقف شخصي تجاه مطلقيها ومروجيها بل بسبب حرصي على مصلحة ووجود ومستقبل شعبي في الوطن. ولعل حصاد الفوبيا والانحدار السريع نحو هاوية الانتحار الجماعي دليل مادي لمن يمتلك جراة الصراحة مع النفس على الاقل.
• وعندما وقفت مع كنيستي وهي تتعرض لاقذر واشرس هجمة مخططة بلون سياسي وحزبي معروف ومفضوح لتسقيطها وتسقيط مرجعياتها لم يكن بسبب موقف شخصي بل التزام اخلاقي وعادل تجاه الكنيسة.
• وعندما رفضت وارفض الهرطقات التسموية واعتبار اجيال شعبي جهلة لسبعة الاف سنة لم يعرفوا اسمهم وليعتبر البعض شعبي لقيطا يعمذوه باسم لم يرد يوما على لسانه وفي تاريخه وموروثه فانه ليس موقفا شخصيا بل موقف قومي بتقديس مقدسات شعبي وعدم السماح برميها تحت اقدام العابثين.
طبعا انا اعرف واعترف بان هناك مشكلة كبيرة في ان الاجيال الحالية، وعموما اجيال بعد 2003، التي انخرطت وتابعت العمل القومي لا تعرف سوابق الامور، كما ان اجيال ما قبل التواصل بين الوطن والمهجر الذي تحقق في السنوات لاخيرة، لا تعرف هذه الخلفيات والممارسات التي عاصرها وعاشها جيلنا وكان شاهدا عليها، فتراها تقبل تبسيط الامور على انها مواقف شخصية!!!
ولعل ما نتلمسه في واقع حالنا الديموغرافي والسياسي والمؤسساتي والاعلامي والحياتي (الفردي والعائلي والمجتمعي) شواهد على صحة ما انتقدته ورفضته واعلنته ودعوت لمعالجته قبل فوات الاوان.
ولكني اعترف انه لا حياة فيمن تنادي (على الاقل لحد الان).
مثلما اعرف واعترف ان وضعي الشخصي منذ اواسط التسعينيات من حيث حرية الحركة في جغرافيا واسعة، والقدرة على النشاط والحضور في مختلف المنابر، والخدمات الانسانية والتنموية التي كنت وراء تحقيقها لشعبنا، والاستقلالية الفكرية والمادية ساهمت جميعها في ان اكون حرا ومستقلا في اراءي ومواقفي وجريئا صريحا في قولها ومرصودا فيما اكتب او اقول.
مثلما اعرف واعترف ان اسلوب طرحي للامور والمواقف بشكل يحرج الاخر وربما يستفزه هو عامل اخر، رغم اني اتعمد هذا الاسلوب بغاية خلق حالة الصدمة والضغط على المعنيين لمراجعة الاداء.
تحياتي
الخوري عمانوئيل يوخنا
نوهدرا 27 ايار 2018