Home / Articles/Books / Articles / وهم حماية الغرب لمسيحيي العراق

وهم حماية الغرب لمسيحيي العراق

وهم حماية الغرب لمسيحيي العراق

سعد سلوم هذا الكاتب-المفكر العراقي ابحر في الشأن الاقلياتي لبني وطنه فتوسع افقيا ليتعرف ويُعرِف جميع الوان طيف النسيج العراقي المتنوع اثنو-دينيا فكتب عن الكاكائية والزرادشتية وذوو البشرة السمراء الى جانب المسيحية والصابئة والايزيدية والجميع، وتعمق عموديا ليستكشف ويكشف جذورهم ويعيش معهم همومهم وتحدياتهم.

اثمرت رحلته معهم الممتدة زمنا غير قليل من حياته الشخصية ومسيرته الاكاديمية ما يمكن تسميته: موسوعة سلوم للاقليات العراقية، قوامها مجموعة كبيرة من الكتب المرجعية الضخمة التي لا تقتصر على التوثيق بل التحليل ايضا.

سلوم في كتابه الموسوم: (مائة وهم عن الاقليات في العراق) والصادر في 2015 عن مؤسسة مسارات للتنمية الثقافية والاعلامية يقول في الصفحة 325:

(لم يكن المسيحيون عنصرا دخيلا او طارئا ولا امتدادا للغرب المسيحي، بل تصدوا لكل محاولة تشويه لثقافتهم او الزامهم على تبني نسخة ايمانية اخرى تتطابق مع صانع قرار غريب عن بيئتهم الشرقية. فالمسيحيون ليسوا بعملاء او حصان طروادة او طابور خامس للقوى التي تحدت وغزت دول المنطقة، بل كانوا جذورا تربطنا بحضارتنا الاولى، وشركاء ومسهمين فاعلين في بناء الحضارة الاسلامية، كما في بناء الدول الوطنية في العصر الحديث) نهاية الاقتباس

سعد سلوم مع جميع المثقفين المتنورين والكتاب الوطنيين من الاكثريات الدينية او القومية العراقية، ومع جميع مسيحيي العراق يحاربون لازالة وهم وتصحيح صورة نمطية عن مسيحيي العراق بانهم مواطنون غربيون.

الم تكن هذه الصورة النمطية وراء عنونة مكتب رئيس الوزراء العراقي حينها، نوري المالكي، امره الديواني المرقم 1238 في 29 تموز 2007 (الصورة في نهاية المقال) بعنوان صادم: “طلبات الجالية المسيحية في العاصمة بغداد”.

مما حدا بي الى الرد بمقال نشرته جريدة الصباح في 27 تشرين الأول 2007 بعنوان:

“اذا كنا في العراق جالية، فاين هو وطننا؟”

الرابط الى المقال:

https://etota.net/articles-books/articles/arewediasporainiraq/

نعم هناك وهم يجب محاربته،

وصورة نمطية يجب تصحيحها،

المسيحيون وطنيون ليس بالتاريخ والجذور فحسب حيث ينتمون الى العراق من قبل تحوله الى الهوية الاكثرية الحالية الدينية او القومية.

بل هم وطنيون بالانتماء والوجدان والعطاء في كل المجالات حيث لم يتركوا مجالا الا وتميزوا في عطاءهم فيه، بدءا من تاسيس الدولة العراقية المعاصرة حيث يشهد وزير ماليتها يوسف غنيمة، مرورا ببدايات العمل السياسي المنظم ويشهد عليهم مؤسس الحزب الشيوعي العراقي، ومرورا ايضا بالانشطة الاقتصادية والثقافية والادبية والفنية والرياضية وغيرها. (ولنا في عمو بابا مثالا)

مثلما دفعوا، مع بقية العراقيين، اثمانا غالية بسبب وطنيتهم.

بل ودفعوا اثمانا مضاعفة عندما نما الارهاب بعد ان خلق الاحتلال الامريكي الغربي للعراق البيئة المناسبة لنمو الارهاب وتمكنه تنظيما وتمويلا وتسليحا مع انهيار مؤسسات الدولة، ففي نيسان 2003 لم يسقط فقط النظام البعثفاشي الدموي، بل انهارت الدولة العراقية ايضا وفشل المحتل ومعه القوى العراقية السياسية في اعادة بناءها بمسار سليم.

انها لمن سخريات القدر ان يكون المسيحيون، المتهمون بالانتماء للغرب، اكثر العراقيين معاناة من الغزو الغربي، ويكون اهلنا الشيعة الذين يسمون المحتل بالشيطان الاكبر، اكثر المستفيدين من هذا الغزو.

المسيحيون العراقيون وطنيون بانتماءهم وولاءهم ومستقبلهم ولم يلتجئوا يوما ولن يلتجئوا الى الغرب “المسيحي” وصناع قراره بطلب الدعم والحماية والتدخل.

الغرب لم يكن يوما حاميا للمسيحيين ولا لاية مجموعة دينية او عرقية بل كان حاميا دائميا لمصالحه ولم يتردد في تقديم الشعوب وقضاياها العادلة كبش فداء من اجل مصالحه. والذاكرة القريبة تشهد ما فعله صانع القرار الامريكي بالثورة الكردستانية عندما كانت في اوج قوتها وتضحياتها تقارع النظام البعثفاشي.

من المعقول والطبيعي ان تقوم جاليات مسيحية عراقية في هذه الدولة او تلك من الدول التي باتوا مواطنين فيها بحملات مناصرة (لوبي) للعراق او لمسيحيي العراق. وهذا لا يقتصر على الجاليات المسيحية فحسب، بل جميع الجاليات كردية كانت ام تركمانية ام ايزيدية وغيرها. مثلما لا يقتصر على الجاليات العراقية، بل جاليات كل الدول. هذا امر بديهي ولا غبار عليه.

ومن المعقول والطبيعي ان تثار الهموم والتحديات التي تواجه المسيحيين في الاجتماعات المفتوحة او المغلقة مع السياسيين او الدبلوماسيين او المؤسسات الغربية. وهنا ايضا فالامر لا يقتصر على المسيحيين وحدهم بل جميع المجموعات او الفئات، مثلما ليس حالة عراقية فحسب، بل هو امر طبيعي لا غبار عليه ايضا.

الامر المرفوض والخطير، والذي والى الامس القريب لم يقم به المسيحيون ومؤسساتهم ومرجعياتهم في العراق هو تصوير انفسهم ضمنيا بانهم جالية في العراق وانهم يتوجهون للغرب “المسيحي” لمعالجة اوضاعهم في العراق وحل او دعم مطالبهم من الدولة العراقية ومرجعياتها ومؤسساتها.

ان اي تصرف او دعوة كهذه من داخل البيت المسيحي العراقي، بالاضافة الى انها لن تصل الى اي مكان، فالغرب يتعامل مع مصالحه حصرا، فانها ستكون سابقة خطيرة وعبثية، تساهم في ترسيخ الوهم والصورة النمطية على ان المسيحيين مواطنون يدينون بالولاء للغرب. وسيدفع ثمنها المسيحيون انفسهم اللذين ندعي المسؤولية تجاهم. فهكذا تصرف هو دعوة مفتوحة للمزيد من استهداف المسيحيين من قبل المجموعات الراديكالية وللمزيد من التهميش في مختلف المستويات ومن مختلف الجهات ومن بينها مؤسسات ومرجعيات الدولة.

لم يكن جورج بوش الاب ولا جورج بوش الابن حاميا لاية مجموعة في اية دولة بل كانا حاميان لمصالح اميركا وشعبها فهم رؤساء لاميركا وليس لاية دولة اخرى.

ولم يلتجئ مسيحيو العراق اليهم بطلب الحماية والمناصرة.

وكذلك كان ترامب وكذلك هو بايدن.

وكذلك سيكون كل الرؤساء الامريكان.

من له اذنان للسمع فليسمع

الخوري عمانوئيل يوخنا

نوهدرا 18 أيلول 2023

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *