1- في مقالي الاخير (وللكتابة جدولها) الزمت نفسي ووعدت القراء بان اكتب عددا من المقالات عن عدد من القضايا، واختمها بمقال يتضمن ردودا وتعقيبات على ما يرد من ملاحظات واسئلة وتعقيبات من القراء الاحبة.
الا ان التغيرات الدراماتيكية على الارض خلال الاسبوعين المنصرمين وما نتج عنها من معاناة انسانية اخذت وقتي وجهدي والتزاماتي ومنعتني من الكتابة، او بالاحرى اخرتني عنها.
ومع الاستقرار النسبي على الارض، والذي نتمناه ان يكون دائما ومستديما وشاملا، ومع انحسار التحرك الانساني الطارئ، اجد لنفسي فسحة من الوقت للايفاء بالتزامي، وهذا هو اول مقالاتي التي وعدت القراء بها وهو بعنوان: أبهذا السقوط نرفع قضيتنا؟
2- في الحقيقة لم يكن هكذا مقال على جدولي لاني اكرر قناعتي بعدم الرد على الاساءات الموجهة الي، فانا اساسا لا اتصفح هذه المنابر المسيئة، مثلما لا اشخصن الامور فانا لا انتقد او اتفق مع الاشخاص لشخصهم بل اتفق او انتقد اراء وسلوكيات، ناهيك اني لا اريد اعطاء هكذا منابر او اشخاص قيمة الرد ليتحولوا من النكرة الى المعرفة ومن تحت الصفرية الى الصفرية.
ولكن احد الاصدقاء الذي احترمه كثيرا ارسل لي عدد من صوري وهي مفبركة بالفوتوشوب ومنشورة، بحسب هذا الصديق، على عدد من المواقع الاعلامية “النضالية القومية الاشورية” مع تعليقات بغاية التسقيط السياسي او غيرها. وطلب مني الصديق الرد عليها.
رغم ترددي في الاجابة للاسباب اعلاه، ولكني قررت الرد لمرة واحدة على هؤلاء احتراما لرغبة الصديق، وليعلم من ربما لا يعلم.
3- ابتدء المقال بالقول ان الغاية من الاساءات واضحة تماما وهي تكميم الافواه، فمع العجز عن النقاش الحضاري واحترام الراي والراي الاخر ومقارعة الحجة بالحجة، كان اللجوء الى الترهيب الفكري بلغة التسقيط الاخلاقي للضغط علينا للسكوت وترك ساحة ابداء الراي للخطاب الفوبيوي والشعبوي الجارف الذي يقود شعبنا نحو الانتحار الجماعي وبسرعة جنونية بات يستحيل ايقافها.
هذا الاسلوب ليس جديدا بل عايشته وشاهدته منذ التسعينيات عندما تولى قرار شعبنا ومؤسساته خريجو المدارس الاستخبارية للنظام البعثي ومارسوا النظام الشمولي على شعبنا ومؤسساته وتسقيط كل من لا يدين بالولاء لشخصهم.
الجديد (الى حد ما) هو التحاق من يحمل اللقب الاكاديمي او من “الناشطين” بممارسي الارهاب الفكري وتكميم الافواه، ولانه اكاديمي او “ناشط” فيحاول تغطية غايته بقناع “فكري” بتقديم تفسير سطحي للاية الكتابية (اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله) لاخراس رجال الدين من ابداء الراي في الشان العام رغم كونهم يمتلكون حقا مضاعفا في ذلك، اولا هم اشخاص يحق لهم، كما الكل، ابداء رايهم في شؤون حياتهم وحياة عائلتهم ومحيطهم. وثانيا فان رجال الدين هم اكثر المتعاملين بالشان العام والحياة اليومية لشعبهم.
قلتها بملء الفم واكررها انه مهما بلغ الارهاب الفكري مداه، ومهما انحدرت بذاءاته فاني شخصيا لن اتوقف عن الكتابة وابداء رأيي، فهذا وببساطة حق اساسي من حقوقي كأنسان. ومن لا يدافع ويمارس حقه كيف يمكن له المطالبة بحقوق الاخرين. بل ومع زيادة محاولات التكميم ساطلق صوتي اعلى واعلى.
كتبت في السنين السابقة بغاية الامل في التغيير. ورجعت الان للكتابة (بعد سنوات طويلة من الانقطاع) بعد ان يئست من امكانية التغيير وبعد ان ترسخت القناعة الملموسة لمس اليد بان شعبي يمارس الانتحار الجماعي، رجعت لاكتب بغاية التوثيق بان ليس كل الشعب يريد الانتحار.
اكرر قولي لهذا البعض: نشرت وانشر اراءي، اجبتم بالشتائم فعرفنا أخلاقكم وليس فيها ما يفيد. فهل تجيبوا باراءكم لنعرف حكمتكم فربما منها نستزيد.
4- الصورة المقطعة الاولى كانت التي تجمعني بقداسة الحبر الاعظم البابا بيندكت، وقد وضعتها قبل ايام (تمهيدا لهذا المقال) صورة البروفايل على صفحتي الشخصية في الفيسبوك.
قام النشطاء “القوميون” ومنابرهم “النضالية” بتقطيعها والتعليق عليها بعدد من التعليقات، انشر في نهاية المقال صورة احدها. وكان هناك بحسب ما علمت تعليقات اخرى بالتخوين والتسقيط، وباني اقدم ولاء الطاعة وصك الخيانة الى مرجعيات سياسية كردية ووووو.
لن اعلق اكثر على هذه الصورة، ليس فقط لما تعكسه من غباء مفبركيها، وسخافة تلفيقها، بل لان الصورة منشورة على بروفايل صفحتي ولا تحتاج الى اي تعليق او توضيح. تعليقي الوحيد عليها هو شعوري بالاسف على الانحدار الذي وصل البعض اليه، او دُفِعوا للوصول اليه. اشعر بالاسى على القائمين بالعمل وعلى مرجعياتهم.
5- الصورة الثانية كانت تقطيع لصورة لي في زيارة لاحد البرامج الصحية التي تساهم فيها منظمة (كابني) لمساعدة اهلنا الايزيدية في قمة جبل سنجار والهاربين من ارهاب داعش. الصورة التي انا نشرتها اساسا على صفحتي بتاريخ 6 ايلول وانشرها ادناه (وانشر تقطيعها الذي قام به “مناضل” اشوري معروف الولاء والتبعية الحزبية) وتجمعني مع السيدة الكردية خنساء والتي تستحق بكل احترام لقب المناضلة والمضحية من اجل شعبها، فهي شابة كردية مسلمة من سوريا دفعها قلبها وضميرها الحي لترك اهلها ومحل عيشها في سوريا مع اول ايام دخول داعش الى سنجار ونزوح الايزيدية الى جبل سنجار لتاتي متطوعة (دون مقابل ودون كلل او ملل) لخدمتهم في جبل سنجار منذ ذلك اليوم والى اليوم.
الا خجلتم وخجلت عقولكم الفاسدة وضمائركم النتنة في مقابل هذه المرأة. كم انتم يا “مناضلي” اشور الفيسبوكيين ذرات رمل مقابل شموخ هذه المرأة وهو بشموخ جبل سنجار الذي اتخذته مسكنا للخدمة. كما هم شامخون معها المقاتلات في حراسات الخابور وغيرهن ممن يخدمن شعبهن وقد افترشن ارض الوطن فراشا وسماءه غطاء بدل صفحات الفيسبوك والسيارات الفارهة والشفاه المنفوخة. وفديوات البذاءات الاخلاقية الميمية العوديشوية.
اني اعتز بهذه السيدة وبسيدات حراسات الخابور والمقاتلات في سوريا اكثر من كل صفحات نضالكم الفيسبوكي يا “مناضلي” الامة الاشورية. فاكبركم (ان كان اساسا من يستحق بينكم ان يسمى كبيرا) لا يستحق ان يحل شريط حذاء ايا ممن ذكرتهن.
والشخص الاخر الذي معي في الصورة فهو السيد ميشيل قسطنطين مدير مكتب البعثة البابوية في لبنان الذي ليس له، على المستوى الشخصي، ما يجعله يتحمل عناء ومخاطر ومجازفات السفر والزيارة الى جبل سنجار سوى محبته وخلقه والتزامه الانساني والمسيحي الكبير ليكون شاهدا على المحبة الانسانية. وهي الشهادة التي فشلتم وتفشلون في اعطاءها بل انتم شهودا على الحقد الاسود الذي يعشعش في قلوبكم واعمى عقولكم وقتل ضمائركم (ان كانت حية يوما ما).
ومعي كان شخص اخر لم تتضمنه الصورة هو الدكتور مارتن بروكلمان الالماني ومدير منظمة مسيريور. نعم الماني مدير منظمة مسيريور جاء مخاطرا ومجازفا ليعطي شهادة المحبة والمشاركة لاهلنا الايزيدية.
بالله عليكم من منكم فكر يوما (مجرد التفكير) بزيارة ايزيدية جبل سنجار الذين يعيشون النزوح ومصاعب وقسوة حياة الجبل منذ اب 2014؟
هل فكر برلمانييكم وكوادركم وجمعياتكم في زيارتهم ولو من قبيل اخذ الصور “التذكارية”؟
هل فكر نفرا منكم من المئات القادمين من المهجر للاحتفال والرقص في اكيتو ان تزوروا هؤلاء المعذبون؟
بل وهل فكر الشخص نفسه من قام بتقطيع الصورة ان يزور هؤلاء الايزيدية في محنتهم عند زيارته للوطن في اكيتو؟
وهل فكرت مؤسساتكم المهجرية ان تقدم “حفنة” دولارات مما يصرفه الكثير منكم في محلات القمار او البارات في عطلة نهاية الاسبوع لاشباع بطن او ارواء عطش طفل ايزيدي في جبل سنجار؟
(كابني) ومنذ ايام حصار الجبل كانت ترسل المساعدات اليهم مع شحنات المساعدات بالهليكوبتر، وحاولت شخصيا ان ازورهم بالهليكوبتر حينها.
ومع تحرير المنطقة قمنا بتاهيل وتشغيل مستشفى ناحية سنوني وباشرنا بتاهيل وتشغيل مستشفى سنجار، وهذه الزيارة كانت ضمن هذا السياق.
الا تخجلون من قيامكم بهكذا فعل مقزز وسخيف وشنيع بان تقطعوا صورة جمعت كل هذه التضحيات للسيدة خنساء والسيد ميشيل والسيد بروكلمان ومعهم شخصي الضعيف.
رباه.. هل هناك من انحدار وسقوط اخلاقي اكثر من ذلك. ان القيم الاشورية والاخلاقية المسيحية يشعران بالعار منكم.
6- اما العلم الذي وراءنا فلا تعليق عليه.
هل كنتم تتوقعون ان تضع السيدة خنساء علم (الله اكبر) ام العلم الاشوري ام ماذا؟
انه العلم الدستوري للاقليم الذي يرفرف في مطار اربيل عند وصولكم من المهجر للاحتفال باكيتو، وهو العلم الذي استشهد تحته 1700 من البيشمركة لتشعروا بالامن والامان وانتم تزورون الاقليم في زيارات سياحية في اكيتو وتذكارات القديسين او لاجراء معاملة التقاعد (هذه حقوقكم لا غبار عليها ولا شماتة فيها)، وهو العلم الذي كان يتقدم مسيرة اكيتو وهو العلم الذي كان على سيارات الاساييش وهي تحمي المسيرة. وهذه كلها واجب على الاقليم ولا منية فيها، ولكن في المقابل يجب ان لا تقابل بالنكران والاساءة والاستخفاف.
طبعا هو العلم الذي يؤدي تحته ممثليكم في البرلمان الكردستاني اليمين الدستورية ويضعونه في مكاتبهم السياسية وووووو.
7- الصورة الثالثة كانت صورتي التي التقطتها ونشرتها في يوم الاستفتاء..
للمقال تتمة (ربما الثلاثاء) لاتاحة الفرصة للقراء خاصة مع وجود الصور العديدة.
نوهدرا 5 تشرين الثاني 2017