الى سيادة الاسقف باواي سورو: أنا لست ضالا
اطلعت على الموقع الرسمي للكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، كما اطلع الكثيرون، على صورة الايمان التي قدمتموها ضمن سياقات قبولكم اسقفا كاثوليكيا بعد ترككم (ضلال) كنيسة المشرق الرسولية و(رجوعكم تائبا) الى كمال التعليم الكاثوليكي.
ملاحظة: العبارات بين الاقواس اعلاه ليست من عندي، فحاشا والف حاشا. فايماني المسيحي وتعليمي الكنسي وتربيتي العائلية واخلاقيتي الشخصية لا تسمح لي استخدام هكذا تعابير بحق اي انسان، فكيف بحق الكنيسة والاكليروس، ولكنها مقتبسة حرفيا ومن وحي صورة الايمان المشار اليها. ولانها لا تتوافق مع ايماني واخلاقيتي فقد وضعتها اينما وردت في هذا المقال بين قوسين.
الرابط ادناه هو لصورة الايمان اعلاه على موقع البطريركية الكلدانية:
http://www.saint-adday.com/index.php/permalink/5532.html
كما انشر صورتها في نهاية هذا المقال.
1- هذا المقال لا يتناول مناقشة قراركم وخياركم العقائدي الكاثوليكي. فحرية المعتقد حق اصيل وهبه الخالق لخليقته، وليس من حق اي انسان التدخل في خيارات الاخرين العقائدية او اصدار الاحكام عنها وعليها.
الكنيسة الكاثوليكية كنيسة رسولية تقوم على اسس الايمان المسيحي القويم، كما هي الكنائس الرسولية الاخرى (ومن بينها كنيسة المشرق الرسولية). فالتباينات العقائدية او القانونية او الطقسية وغيرها هي مفهومة وطبيعية وتعبر عن غنى المسيحية وكنائسها، ولم ولن تكون علة للانتقاص من صواب الايمان الرسولي لاي منها.
ثم من انا الانسان الخاطئ الذي يمنح لنفسه حق محاكمة معتقد المقابل.
صحيح انكم منحتم لشخصكم هذا الحق عندما اتهمتم ابناء الكنائس غير الكاثوليكية بانهم (ضالين)، ولكني، يا سيدي، اعترف بجهالتي وضعف ايماني باني لا امتلك هذا الحق.
2- وهذا المقال لا يناقش قرار الكنيسة الرومانية بتنسيبكم اسقفا كلدانيا، فهذه نقطة ربما سنعود لابداء الراي فيها في مقال لاحق، ليس من زاوية التدخل في قرارات الكنيسة الرومانية الأم او الكنيسة الكلدانية التابعة لها. حاشا. بل من زاوية مدى خدمة او اعاقة هذا التنسيب للتقارب بين الكنيسة الكلدانية والمشرقية وتعزيزه استشراقا لامكانية الوصول الى صيغة من الوحدة بين الكنيستين.
وبالتاكيد سيكون رايي قائما على الحرص الكامل والشديد على الكنيستين على حد سواء. فاحترامي وحرصي على الكنيسة الكلدانية لا يقل عن احترامي وحرصي على كنيستي وهو حرص نابع من المشترك المسيحي والقومي بين الكنيستين تاريخا وحاضرا ومستقبلا.
بالاضافة الى علاقة محبة خاصة تجاه الكنيسة الكلدانية تعيش في قلبي منذ طفولتي حيث تتلمذت في مدرسة الطاهرة الاهلية (تابعة للكنيسة الكلدانية في دهوك) التي كان الخوراسقف الراحل فرنسيس اليشوران مسؤولا عنها، وتوسعت علاقة المحبة وتوطدت مع جميع اكليروس ومؤمني الكنيسة الكلدانية الذين تشرفت بالتعامل معهم ومن بينهم، وفي مقدمتهم، غبطة ابينا البطريرك مار لويس ساكو والاساقفة الاجلاء والاباء الافاضل.
3- كما ان المقال لا يناقش مجمل صورة الايمان التي تقدمتم بها، فهذا سياق كنسي تعتمده جميع الكنائس التي لكل منها صورة الايمان التي على من يتقبل الدرجة الكهنوتية فيها او ينتمي اليها اكليروسا متحولا من كنيسة اخرى ان يقدمها الى مرجعيته الكنسية التي سيعمل تحت سلطتها. وكل كنيسة تعتمد نصها لصورة الايمان وعادة ما تتضمن المبادئ العقائدية الاساسية والتعهد بطاعة المرجعيات الكنسية ومقررات المجامع السنهاديقية وغيرها.
فعلى سبيل المثال قدمت شخصيا صورة الايمان عندما تقبلت الرسامة كشماس ومن ثم ككاهن ولاحقا كخوري.
مثلما سبق ان قدمتم صورة ايمانكم الى مرجعيات كنيسة المشرق عند تقبلكم الرتب الكنسية تصاعديا، واخرها كانت صورة ايمانكم الرسولي وتعهد خضوعكم وطاعتكم لقداسة ابينا البطريرك مار دنخا الرابع والمجامع السنهاديقية الكنسية لكنيسة المشرق عندما تقبلتم الرسامة الاسقفية فيها في 21 تشرين الاول 1984
https://www.youtube.com/watch?v=lhpAbcWEX0g
مثلما قدمتم صورة ايمانكم اعلاه لقبولكم اسقفا كاثوليكيا (ليس موجودا عليها تاريخ تقديمها).
4- ولكني بالتاكيد ساناقش ما ورد في صورة الايمان من اساءة الى الكنائس غير الكاثوليكية (بقدر تعلق الامر بي كنيسة المشرق) فهذا حق لي وواجب علي. حيث كتبتم وبتوقيعكم الشخصي:
(أقبل اخويا الضالين عن الايمان واعمل بجميع الوسائل ان يرجعوا تائبين الى كمال التعليم الكاثوليكي). انتهى الاقتباس.
الم تلحظ سيدي ان صورة ايمانك لرسامتك الاسقفية في الكنيسة المشرقية (الضالة) في 1984 لم تتهم ايا من الكنائس الاخرى بالضلال. ولكنكم في عام 2014 وضمن (رجوعكم تائبا) تتهمون كنائس بالجملة بتهمة (الضلال)!!
فهذا الحكم العقائدي الذي صدر عنكم بحق الكنائس غير الكاثوليكية واتهامها بالضلال لم يات من انسان عادي غير مسؤول او في حديث هامشي عابر، بل انه صدر في وثيقة رسمية واساسية وبتوقيعكم الاسقفي وباتت وثيقة من وثائق المجامع السنهاديقية الكلدانية.
اذن هي وثيقة غير عادية او هامشية، بل هي وثيقة كنسية تاريخية ومرجعية.
وبذلك تكون مناقشتها حق لكل من توجهتم اليه بالاساءة. ويمكن ممارسة هذا الحق الطبيعي بشكل فردي (كما هو حال مقالي وما يمكن ان يلحقه من متابعات فردية) او بشكل جماعي او مؤسساتي كنسي.
مثلما هو واجب علي. واقل ما يقال عنه انه واجب اخلاقي للدفاع والحفاظ على كرامة كنيستي واباءها وابناءها الراقدين منهم والاحياء.
ولانه كذلك، فهو ليس بحاجة للاستئذان بشانه من اي احد، فهو ليس اجراء يتطلب مني العودة الى مرجعيتي الكنسية وطلب موافقتها للدفاع عن عقيدة كنيستي وكرامتها وكرامتي الشخصية.
ان يقبل سيادتكم على نفسه بالتوجه بالاساءة الى اباءه الروحانيين والجسديين فهو امر يعنيكم.
وان تقبل عائلتكم واصدقاءكم ومعارفكم ان تسيئوا الى ايمانهم وايمان اباءهم فهو امر يعنيهم.
ولكني بالتاكيد لست ملزما بالسكوت او المسايرة او غض النظر عن الاساءة.
وبالتاكيد فان دفاعي عن كرامة كنيستي هو دفاع بالضرورة عن كرامة الكنيسة الكلدانية ليس لانهما كنيستان رسوليتان شقيقتان فحسب، بل ولاني ان تهاونت في حماية كرامة كنيستي وكرامتي فبالتاكيد لن اكون مؤهلا للدفاع عن كرامة الكنيسة الكلدانية في حال، لا سمح الله، تعرضت لاساءة مماثلة كالتي اساتم بها الى كنيستي وبقية الكنائس غير الكاثوليكية.
5- سيدي الجليل.. ان اي مسعى لتبرير الاساءة بصيغة او باخرى او بتحريف المعنى الواضح والصريح لها وتوجيهه بان المقصود به ليسوا الكنائس غير الكاثوليكية هو مسعى غير مقبول تماما، وانصحكم وانصح المدافعين عنكم بعدم الاتيان به، لان المضمون والسياق واضح للجميع (وليس للاكليروس فقط)، ولان هكذا تبرير او تفسير سيعني الاصرار على الاساءة اولا والاستخفاف بعقل المقابل ثانيا وهو اساءة مضاعفة.
الاساءة واضحة وصريحة.. والمطلوب هو اعتذار واضح وصريح. ونقطة على السطر.
وكان يمكن لكم القيام بذلك بعد ارسالي الايميل الشخصي الاول لكم بتاريخ 11 اذار 2014، ومن بعده الايميل الثاني بتاريخ 15 اذار 2014، ومن بعده نشر رسالتي اليكم على موقع عنكاوة بتاريخ 21 اذار 2014.
ولكنكم بعدم تقديمكم الاعتذار فان لسان حالكم يقول انكم مصرون على الاساءة.
وبالتاكيد فان ذلك يعني، عندي شخصيا، الاصرار على مطالبتكم بالاعتذار عن الاساءة.
وبين هذين الاصرارين فاني لا اتحمل اية مسؤولية في تطور المسالة من مراسلة شخصية (كما اردت لها ان تكون في ارسالي ايميلين شخصيين لكم) الى شان عام من الاقوال والافعال وردود الافعال.
اتمنى قلبيا عليكم واصلي من اجلكم بان تمتلكوا الحكمة والجراة لتقديم الاعتذار الواضح والصريح.
واتمنى على حكماء الكنيسة الكلدانية وهم الاكثرية من الاكليروس والمؤمنين التي تشعر بالمسؤولية ان تنصحكم بالاعتذار.
واتمنى ان تقبلوا نصيحة الحكمة هذه المرة بعد ان لم تسمعوها عندما دعمتم وغطيتم العنف الاجتماعي والتسقيط والبشاعات يوم تحالفتم مع رؤوس الفتنة الاشورية من “ساسة” و”اعلاميين” و”ناشطين قوميين” وغيرهم.
6- اقول يا سيدي
انا لست ضالا.. فانا اؤمن ايمانا ثابتا بسر الثالوث المقدس: الاب والابن والروح القدس، إله واحد.
وانا لست ضالا.. فانا اؤمن بسر التجسد بان يسوع المسيح ابن الله تجسد من اجلنا ومن اجل خلاصنا.
وانا لست ضالا.. فانا اؤمن بسر الفداء بصلب وموت وقيامة الرب يسوع المسيح.
وانا لست ضالا.. فاني اؤمن بالكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وبالتقليد الرسولي..
وانا لست ضالا.. فانا قد تقبلت سر العماذ المقدس في كنيسة رسولية مقدسة ومن كاهن تقبل الرسامة الكهنوتية المقدسة.
وانا لست ضالا.. فانا اتناول القربان المقدس، جسد ودم ربي والهي يسوع المسيح.
وكنيستي ليست ضالة.. فهي كنيسة رسولية تقبلت الايمان نقيا صافيا من تلاميذ رب الكنيسة.
وكنيستي ليست ضالة.. فهي كنيسة الرسل والشهداء والملافنة الكبار.
وكنيستي ليست ضالة.. فهي كنيسة الاسرار البيعية المقدسة.
وكنيستي ليست ضالة.. فهي كنيسة تؤمن وتلتزم وتبشر الايمان النيقاوي الذي الهمه الرب بروحه القدوس على اباء الكنيسة.
وكنيستي ليست ضالة.. فهي كنيسة الشهادة والاستشهاد.. شهادة على المسيح الحي.. والاستشهاد من اجله.
وكنيستي ليست ضالة.. فهي كنيسة جامعة ومسكونية.
7- واضيف يا سيدي..
وبسبب كل ذلك فبافتراض اني في يوم ما قررت الاختيار العقائدي الكاثوليكي بعد (الضلال) الرسولي المشرقي فاني لن (ارجع تائبا) بل ساكون صادقا امام ربي وخالقي، ومنسجما مع نفسي وضميري، وصريحا مع الكنيسة الكاثوليكية باني لم اكن (ضالا) ولست (ارجع تائبا).
8- واسالكم يا سيدي..
هل لكم ان تفسروا هذا التناقض في موقفكم باتهامكم لكنيستي (كنيستك الأم) بالضلال لمجرد عدم كاثوليكيتها، وبين موقف المرجعية الكنسية الكاثوليكية الرومانية التي انتم الان تحت مرجعيتها العقائدية والقانونية والتي بادلت الاعتراف والاحترام المتبادل للايمان المسيحي الرسولي بينها وبين الكنيسة المشرقية والذي تم توقيعه في روما في 11 تشرين الثاني 1994.
دعني انعش ذاكرتكم بهذه الصورة:
من الصادق: قداسة الحبر الروماني بتوقيعه واعترافه واحترامه لايمان الكنيسة الرسولية المشرقية وترحيبه الاخوي بالحبر المشرقي؟
ام انتم بتوزيعكم تهمة (الضلالة) بالجملة؟
9- واضيف متسائلا:
ماذا تقصدون بتهديدكم (واعمل بجميع الوسائل). فان كانت الصوم والصلاة والارشاد لما كنتم احتجتم لهذه الصياغة التهديدية التي تعودت اذاننا على سماعها كل يوم جمعة.
بالتاكيد فان (الحملة الايمانية) التي ترافقت مع ترككم (الضلال) قبل ثماني سنوات، وحملات العنف الاجتماعي والتسقيط والتضليل التي مارسها حلفاءكم من الساسة والتنظيمات والمؤسسات “القومية” هي تجسيد لـ(اعمل بجميع الوسائل)، مثلما كانت سرقة ممتلكات الكنيسة عبر وضع اليد عليها (شكرا للمحاكم المدنية العلمانية الامريكية التي اعادت الحق لاصحابه) هي ضمن (اعمل بجميع الوسائل).
سنتطرق لهذه الامور وتفصيلاتها ووثائقها في مقالات لاحقة لانها جزء من تاريخ هذا الشعب الذي ربما تراهنون باعتقاده او تريدونه (واخرين ممن التزموا وشاركوا حملتكم الايمانية) شعبا فاقد الذاكرة.
كلا يا سيدي.. انه رهان خاسر فالشعوب لا تفقد ذاكرتها بل تحتفظ بها حية لاجيالها لتتعظ وتتعلم منها.
10- سيناريو لحوار وارد الاحتمال:
ضمن السياقات المفهومة والطبيعية، بل والواجبة برايي، ان يلتقي قداسة البابا مع بطاركة واساقفة الكنائس الكاثوليكية المتحدة مع كرسي روما، ومن بين هذه الكنائس الكنيسة الكلدانية.
ومن متابعتنا لشخصية البابا فرنسيس وما يتسم به من تواضع وروح محبة وعفوية مسيحية فاننا لا نستبعد ان يبادر في لقاءه مع الاساقفة الكلدان ان يسال سيادتكم عن اسم (باواي او باباي) ومعناه او جذوره، خاصة وانه اسم غير مالوف بين اسماء الاساقفة الكاثوليك.
يا ترى: هل ستقول له بانك اتخذت الاسم تيمنا باسم (الضال) الاكبر مار باواي!! المولود في النصف الثاني من القرن السادس والذي هو من اكبر لاهوتيي وملافنة الكنيسة المشرقية.
ام تراك ستسعى الى (تضليل) البابا بالادعاء بانه اسم اشوري او كلداني شائع!!! (لا اعتقد انك ستحاول ذلك فالتضليل ليس من خصالك ولم تمارسه مطلقا في سيرة حياتك!!!! وهذا ما سنعود اليه في مقالات قادمة بعد الانتخابات العراقية).
11- اما لماذا تاجيل بقية المقالات لما بعد الانتخابات. فلسبب بسيط وواضح باني لا اريد ان يتم توظيف موضوعنا في الصراع الانتخابي، خاصة وان مسيرة (رجوعك تائبا عن ضلال) كنيسة المشرق وما رافقها من عنف اجتماعي وممارسات تقشعر لها الابدان كانت بمشاركة كاملة من جهة حزبية اشورية معروفة تخوض قياداتها الباقية في التنظيم ذاته او الخارجة عنه بدوافع تنظيمية وشخصية (لا تخص الشان القومي او الوطني مضمونا او سلوكا) صراعا انتخابيا لا يخلو من محاولات التسقيط (من شب على شيئ شاب عليه).
بالاضافة الى ان موقفي الشخصي من الانتخابات واضح وساوضحه في مقال لاحق في الاسبوع القادم بعنوان:
(الكوتا الدينية: قتل للهوية القومية واجهاض للرؤية الوطنية).
والرب يبارك الجميع.
(الضال) عمانوئيل يوخنا
الخوري في كنيسة المشرق الرسولية (الضالة)
المانيا في 10 نيسان 2014