Home / Articles/Books / Articles / وقفة مع ظاهرة السيد روبرت شليمون (المعروف شعبيا بأسم مار ماري): ما له وما عليه. ثالثا: أسباب توسع شعبية واتباع مار ماري

وقفة مع ظاهرة السيد روبرت شليمون (المعروف شعبيا بأسم مار ماري): ما له وما عليه. ثالثا: أسباب توسع شعبية واتباع مار ماري

وقفة مع ظاهرة السيد روبرت شليمون (المعروف شعبيا بأسم مار ماري): ما له وما عليه

ثالثا: أسباب توسع شعبية واتباع مار ماري

قد نتفق او نختلف مع مار ماري، سواء في خروجه على كنيسته واطلاقه كنيسته المستقلة او في مضامين وعظاته او اسلوبها، وهذا أمر طبيعي وصحي فالتنوع هو سمة الحياة وديناميكيتها.

ولكن، مهما أختلف المختلفين معه، فانه لا بد من الاتفاق على انه ظاهرة لا يمكن الغاءها او تجاوزها او تهميشها من حيث عدد وجغرافيا وتنوع متابعيه، وهو تنوع في الانتماء الكنسي والقومي واللغوي وغيرها، ومن حيث اختلاف مضامين واساليب وعظاته المختلفة تماما (بل والمخالفة أحيأنا) مع ما تعودت عليه الكنائس الرسولية المشرقية وغيرها.

اقول متابعيه وليس اتباعه، فالتابع شيء والمتابع شيء آخر، فليس كل متابع لمار ماري هو تابع له. فقد يتفق المتابع معه في شيء ويختلف في أشياء، وقد يتابعه متابعون من قبيل الاطلاع والفضول خاصة مع تحوله الى شخصية جدلية كما سناتي عليها لاحقا.

عدد متابعي مار ماري تجاوز عشرات الالاف (بلغ ربما مئات الالاف) من جميع القارات (على سبيل المثال وبحسب قناته الرسمية على اليوتيوب يبلغ عدد المشاركين 164 الف(الصورة1)) ومن مختلف الكنائس المسيحية (الكاثوليكية، الارثوذكسية، كنيسة المشرق، الكنائس البروتستانتية التقليدية، الكنائس الجديدة المتكاثرة يوميا المفتقرة الى الضوابط والهيكلية الكنسية (وهو بحد ذاته احداها))، وكذلك يتابعه (ربما بغايات أخرى) اشخاص من ديانات أخرى ومن بينها الديانات التي يتحدث عنها ويتحاجج معها ويستفزها في وعظاته.

ومواضيعه وطروحاته تنوعت وتمددت (بالاحرى مدد هو ساحاتها انتقائيا) من مواعظ كتابية (نسبة الى الكتاب المقدس) الى مجتمعية وحياتية، الى سياسية جدلية، دون ان ننسى موقفه في وباء الكورونا.

واساليبه وادواته في المواعظ تنوعت وتميزت (ايجابيا في معظمها) عن الاساليب التقليدية في الكنائس الرسولية، فهو استثمر في السوشيال ميديا واستنسخ اساليب مارتن لوثر كينغ وبيلي غراهام في الوعظ وغيرها، وهذه تحسب له لا عليه.

في المحصلة النهائية بات ظاهرة تستحق الوقوف عندها ومناقشة اسباب توسع شعبيته ومتابعيه واتباعه.

فأقول بداية أني لا انحى منحى القائلين بانه صوت رباني وصوت نبوي وان يد الرب معه تعضده وانه يتحدث من وحي الهي، حتى بلغ الأمر بالبعض ان يعلنه قديسا!! (الصورة 2)

يقول يعقوب الرسول: “هل سمعتم أن نبعاً واحداً يعطي ماء عذباً وماء مراً من عين واحدة؟” يعقوب 3: 11

فكيف يمكن لواعظ مسيحي (في هذه الحال مار ماري) ان يبشر بالجنة وانها، وبحسب الكتاب المقدس، منزل ومسكن الابرار والمؤمنين وفي ذات الوقت يقول ان لا مشكلة عنده وانه لا بأس ان يذهب هو نفسه الى الجحيم. كيف يمكن ان ينطق صوت نبوي بهذا؟ تابع الفديو الى نهايته:

https://www.youtube.com/watch?v=c_R3UxSVdLg

ويقول الرب: “نعمل الانسان على صورتنا وشبهنا” تكوين 1: 26

ويقول بولس الرسول: “الستم تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم؟” 1 كورنثوس 3: 16

فكيف يمكن له ان ينادي ويبشر بالكتاب المقدس الذي كرم الانسان لانه صورة الله وهيكله، وفي ذات الوقت يقول انه يتمنى ان يكون حمارا لمريم العذراء. كيف يمكن ان يكون هذا موحى به من الرب؟

https://www.youtube.com/watch?v=0MSVevZqE08

 من هنا، شخصيا انظر الى الظاهرة واتعامل معها كظاهرة بشرية توفرت لها عوامل وظروف الانتشار، وامتلك صاحبها مهارات شخصية استثمر فيها وامتلك قدرا كافيا من “الذكاء” لتوظيف شعبوي لمواضيع عالمية كتصاعد الصراعات الدينية ووباء الكورونا والرئيس ترامب وغيرها. وبذلك تقع ظاهرة مار ماري، الى حد كبير، في خانة البدع التي تظهر بين الفينة والفينة في المسيحية. ويمكن حسم الامر عند معرفة المسار المستقبلي للظاهرة ومحورها الذي هو شخص مار ماري.

القاعدة الشعبية الواسعة والمتنامية لمار ماري لم تات بين ليلة وضحاها، او بسبب موقف او حادث لوحده، بقدر ما هي شعبية تراكمية انطلقت قبل اقل من عقدين في دائرة ومحيط محدد هو الكنيسة الشرقية القديمة في سدني استراليا، لتنمو وتتوسع تدريجيا وتصل الى ما هي عليه اليوم.

انطلاقة مار ماري

منذ بدايات نشاطه الكنسي كشاب وشماس في الكنيسة الشرقية القديمة وامتلاكه روح شبابية ومهارات كلامية ومعارف كتابية ساعدته جميعها في خلق قاعدة شعبية، وبخاصة بين الشبيبة، في كنيسة تتصف باداء تقليدي من جهة وبيئة عشائرية من جهة اخرى، ناهيك عن الادارة الضعيفة والتقليدية للكنيسة والشبهات والتهم الموجهة شعبيا الى مرجعياتها العليا ساعدت مجتمعة ليس فقط في تحوله الى شخص متميز ومختلف عن المعهود ولكن ايضا الى فشل المرجعية الكنسية في استيعاب مار ماري (الشماس، الكاهن، الاسقف) وابقاءه تحت مظلة الكنيسة والاستثمار والاستفادة منه ومن امكاناته ومهاراته.

من هنا، فانه عند فشلهما (المرجعية الكنسية ومار ماري) في حل الخلافات (وربما عدم وجود الرغبة في حلها اساسا من طرفه، وعدم قدرة الكنيسة لاستنباط مخارج للحل) وبالتالي ايقافه من الكنيسة تلقى دعم عدد كبير من اتباع الكنيسة في استراليا، خاصة مع تبنيه (كما في الحالات المماثلة) المظلومية وتسويق نفسه على انه ضحية.

ونورد هنا، انه ورغم الاختلاف بين حالة مار ماري وحالة مار باوي في خروجهما من كنيستيهما واطلاق كنيسة مستقلة ما زالت قائمة مع مار ماري وانتهت الى العدم عند مار باوي وايقافه لكنيسته وانتماءه الى الكنيسة الكلدانية الشقيقة، فان كلاهما اعتمد المظلومية والشعبوية في تسويق الخروج على الكنيسة.

ففي حالة مار باوي كانت حملة شرسة ومنظمة متفق عليها بينه وبين تنظيم سياسي (الحركة الديمقراطية الاشورية) واكليروس كلداني اعتمدت التضليل والعنف المجتمعي والتسقيط اللااخلاقي، بينما حالة مار ماري فرغم اقحامه السياسة، وتحديدا الرئيس ترامب في دعواته، فانها لا تبدو مخطط لها سياسيا، وليست مدعومة (على الاقل ظاهريا لحد الان) باية كنيسة اخرى.

تذكروا معي الهرج والمرج والزغاريد والهلاهل في سان جوزيه لدى استقبال مار باوي بعد مغادرته سينودس الكنيسة في شيكاغو ورفضه الحلول التي قدمها السينودس ومغادرته الى سان هوزيه وتسويق نفسه اسقفا “مظلوما” حيث تلقى استقبالا جماهيريا القيت فيه خطابات المناصرة من مؤسسات وناشطين قوميين وسياسيين معروفي الانتماء. (لم اجد فيديو الاستقبال في الارشيف ولكن فقط التسجيلات الصوتية، ولكني وجدت هذا الفيديو التسويقي (commercial) الذي انتجه ونشره حينها موقع مار باوي على النت).

https://www.youtube.com/watch?v=lagQXhLihzM

وقارنوها مع هذا التجمع لمار ماري وهو يسوق نفسه بين مؤيديه اسقفا “مظلوما”.

https://www.youtube.com/watch?v=wW3_o692GSY

التوسع

هناك عوامل ساعدت مار ماري في توسع وتوسيع شعبيته وجمهوره، بعضها مرتبط بشخصه هو حيث يمتلك مواهب ومهارات سواء في:

  • بناء العلاقات مع الجمهور في المحيط الحقيقي والسيبراني على حد سواء باساليب تقوم على المحبة والصداقة وروح الفكاهة المرحة التي تكسر الحواجز بينه وبين المحيط المتلقي،
  • او اسلوب الوعظ من حيث اللغة والمفردات والعبارات او نبرة الصوت المتماهية مع المضمون، او لغة الجسد، وجميع هذه العوامل تشد الحضور والمتابعين الى الواعظ والوعظة،
  • او مضامين الوعظات التي وسعها مار ماري لتتناول مواضيع حياتية يعيشها عصرنا وتعيشها اجيالنا وتبحث عن اجابة كنسية عليها بعيدا عن المضامين التقليدية الموروثة،
  • او استثماره في السوشيال ميديا وما توفره من فضاء واسع واليات متنوعة لمن يجيد توظيفها. فهو بات يعرف باسقف التيك توك (Tik Tok Bishop) وهو لقب لا اجد غضاضة او انتقاص فيه، على العكس تماما اجدها تسمية تجلب الكنيسة ورسالتها الى الواقع اليومي لجيل العصر،

وهذه جميعها عوامل تحسب له وليس عليه (باستثناء مواقفه في مواضيع معينة كالكورونا وترامب، او بعض اساءاته كالتي ذكرناها في بداية هذا المقال)

في الضفة الاخرى وفي مقابل هذا الاداء والمهارات فان الكنائس المشرقية الرسولية (بجميع مسمياتها) ما زالت تسير على النمط التقليدي الموروث، حيث يفتقر الاكليروس الواعظ، بمختلف رتبه الكنسية، لهذه الكنائس الى مهارات الوعظ سواء في التعابير المستخدمة او نبرات الالقاء او اسلوبه من جهة، وغياب المواضيع والتحديات الحياتية المعاصرة عن مواضيع الوعظات من جهة اخرى، ناهيك عن عدم التوظيف المناسب والمبدع في وسائل التواصل والفضاء السيبراني بما فيه الكفاية.

اتمنى على كنائسنا الرسولية مراجعة الاداء، مضمونا وشكلا وادوات، ومعالجة اوجه الضعف فيه ليس بسبب مار ماري بل من اجل الاجيال الصاعدة لمؤمنيها الذين يبحثون عن اجابات لاسئلتهم.

الخوري عمانوئيل يوخنا

نوهدرا 9 أيار 2024

 وللمقال تتمة:

الجزء الثالث: (تتمة): أسباب توسع شعبية واتباع مار ماري

مار ماري وتوسيع الشعبية بتوظيف الاسلام والترامبوية

الروابط الى الاجزاء السابقة:

الجزء الأول: المدخل

http://etota.net/articles-books/articles/mar-mari-p1/

الجزء الثاني: من هو مار ماري؟

http://etota.net/articles-books/articles/mar-mari-p2/

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *