Home / Articles/Books / Articles / وقفة مع ظاهرة السيد روبرت شليمون (المعروف شعبيا بأسم مار ماري): ما له وما عليه الجزء السادس (وهو الأخير): مار ماري وكنيسته.. إلى أين؟

وقفة مع ظاهرة السيد روبرت شليمون (المعروف شعبيا بأسم مار ماري): ما له وما عليه الجزء السادس (وهو الأخير): مار ماري وكنيسته.. إلى أين؟

وقفة مع ظاهرة السيد روبرت شليمون (المعروف شعبيا بأسم مار ماري): ما له وما عليه

الجزء السادس (وهو الأخير): مار ماري وكنيسته.. إلى أين؟

كما هو مصير ونهاية كل البدع والحركات الدينية والايديولوجية، وكذلك المؤسسات المختلفة الاختصاصات من التي يقوم إنطلاقها وتاسيسها وادارتها ونشاطها على شخص واحد (One Man Show) التلاشي التدريجي وصولا الى الانتهاء والنسيان والبقاء كحدث من الماضي يتناقله الشهود عليه الى حين، وتشير اليه وتوثقه الكتب،

كذلك هو المتوقع لظاهرة مار ماري وكنيسته، كنيسة المسيح الراعي الصالح.

فرغم ان له متابعين يفوق عددهم اعداد مؤمني كنيسة المشرق والقسم المتفرع عنها (الكنيسة الشرقية القديمة) والكنيسة المنشقة عنها (الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية)، إلا أن اعداد اتباعه أقل من اعداد مؤمني أيا من هذه الكنائس منفردة.

فالمتابع هو غير التابع.

المتابعون لهم جغرافيا واسعة عبر العالم بسبب السوشيال ميديا الذي حول عالمنا الى قرية صغيرة،

والمتابعون لهم طيف واسع جدا من الخلفيات الكنسية والقومية والثقافية والفكرية،

والمتابعون التقوا في متابعة مار ماري لاسباب مختلفة، في مقدمتها انتقاداته واساءاته العلنية للاديان الاخرى (وفي مقدمتها الاسلام) وهو سبب كاف لجذب المتابعين كما اوردنا في قسم سابق من المقال، ومنها ايضا الخطاب والنهج الشعبوي الذي يمارسه، وكما هو معروف ان الشعبوية باتت حاليا ظاهرة عالمية تصدرها ترامب وهو “الرئيس” الذي بحسب مار ماري اختاره الرب ليقود اميركا والعالم ويخلصها من الشرور، ومنها (وهو جزء من الشعبوية) موقفه في الكورونا واللقاحات، وبالتاكيد فان استهدافه في الجريمة الارهابية زاد من متابعيه في أيام الحادثة والفترة الزمنية اللاحقة، ويضاف اليها اسلوبه المختلف عن الاساليب الوعظية المعروفة في فترة ما قبل السوشيال ميديا الذي يتميز مار ماري في توظيفه،

من هنا فان المتابعين يجمعهم شخص مار ماري، وهم كشكول يحمل التناقضات والتقاطعات والاختلافات، وهم كشكول ينفرط لحظة يكون مار ماري خارج المشهد. فالمتابع الذي يتفق مع مار ماري في شيء، قد يختلف مع متابع اخر يتابع مار مار ماري بدافع وسبب آخر مختلف.

وهم للاسباب السابقة متابعون غير مرشحون ليكونوا اتباعا يمنحون الاستدامة لظاهرة مار ماري، ناهيك عن عدم امكانية انتظامهم في كنيسة مار ماري. وأخذا بالاعتبار اصناف المتابعين واسباب متابعتهم له، فانه من المنطقي التوقع ان اعدادهم ستتراجع مع الزمن، هذا اذا لم تكن قد بدأت بالتراجع حاليا.

ورغم ان مار ماري له موارد مالية ليست بالقليلة تتيح له ادامة نشاطه وتغطية الاستحقاقات الحياتية لكهنته، حيث تقول جريدة (The Sydney Morning Herald) وهي من كبريات جرائد سدني في عددها بتاريخ 7 أيار 2024 وضمن تقريرها عن مار ماري وتضمينها لمحاكمته بتهمة التحرش الجنسي في 2014، ان مؤسسته (One Jesus Limited) اشترت ممتلكات بقيمة 15 مليون دولار استرالي بينها 12 مليون في السنة السابقة، 2023، فقط.

اقتباس:

“The most senior clergyman within Christ The Good Shepherd Church at Wakeley, Emmanuel has also preached in the US and he also serves as a director of the church’s not-for-profit entity, One Jesus Limited, which has bought properties worth $15 million since 2021, including $12 million in the past year alone.”

إلا انه من غير المحتمل امكانية توظيف هذه الاموال ومصادرها في تأسيس وتوسيع بنى تحتية ومؤسساتية للكنيسة خارج سدني، ليس بسبب القوانين الاسترالية التي تفرض رقابة صارمة على التصرف باموال المؤسسات الخيرية والخدماتية فحسب، ولكن أيضا بسبب التكلفة الكبيرة للبنى التحتية والكلفة التشغيلية (بنايات كنسية، مكاتب، رواتب) للرعيات في اميركا واوربا وغيرها.

نعتقد ان مار ماري سيستمر في استخدام هذه الاموال والامكانات في الخدمات المجتمعية التي يقدمها للمهمشين والمحتاجين، وهي خدمة تستحق الاحترام والتقدير والتشجيع.

أما أتباع مار ماري وخلفيتهم وجغرافيتهم واسباب اتباعهم له فهناك عدة ملاحظات يجدر ملاحظتها وأخذها بالاعتبار.

أولها ان معظمهم لم يتبع مار ماري بعد خروجه على كنيسته والنمو التدريجي لظاهرته، بل تبعوه في الازمة الداخلية التي عصفت حينها في 2014 بابرشية استراليا للكنيسة الشرقية القديمة، وفشل الابرشية وادارتها، وللاسف، في استيعاب مار ماري. وبذلك فان هؤلاء هم الاتباع المستديمين لمار ماري، وولاءهم لشخصه هو ولاء ثابت مستمر ما دام هو وكنيسته مستمرون.

ومعظمهم ما زال يعيش المواقف واجواء الصراع الذي عاشه اشوريو استراليا في ثمانينيات القرن السابق حين قامت كنيسة المشرق في استراليا بتصحيح وضعها وتحرير نفسها من هيمنة وتدخلات الاتحاد الاشوري العالمي. ومعظمهم ما زال يعيش في قوقعة مواقف حادة لا تخلو من الحقد تجاه كنيسة المشرق ومرجعية ابرشيتها في استراليا، حتى بلغت الامور عندهم انهم في تجمعهم امام كنيسة الراعي الصالح عند استهداف مار ماري في محاولة الاغتيال فانهم استبقوا الامور ووجهوا اصابع الاتهام الى كنيسة المشرق بتدبير الاعتداء!!! نشكر الله ان الشرطة الاسترالية القت القبض على مدبر ومنفذ الاعتداء من اللحظات الاولى. وهذا بحد ذاته يؤكد ما اوردناه ان هذه الشريحة من اتباع مار ماري لم يتبعوه بسبب ظاهرته واداءه فتبعيتهم له تسبق ذلك، وهناك بينهم البعض ممن ما زالوا ورغم سنين اتباعهم له وحضورهم مواعظه يعيشون اجواء أبعد ما تكون عن المسيحانية، وأبعد ما تكون عن مواعظ مار ماري التي يبدو انها لم تغير في مواقف وقلوب وعقول هذا البعض.

التحقت بمار ماري لاحقا أعداد اخرى، وبخاصة من الشبيبة، من كنيستي المشرق والكنيسة الكلدانية في سدني مدفوعين بواحد او اكثرمن الاسباب التي اوردناها سابقا، خاصة مع ضعف الاداء والبرامج التعليمية الكنسية للكنائس الأم، وافتقارها الى الابداع في المضمون والاسلوب حيث ما زالت كنائسنا، في الوطن الأم والمهاجر، تعتمد ذات الاساليب التقليدية الموروثة في الوعظ ومخاطبة واستقطاب الشبيبة، وكأن الزمن وبيئته ومفاهيمه وتقنياته هي ذاتها كما كانت قبل عقود.

الملاحظ ان النسبة الغالبة، شبه المطلقة، لهؤلاء الاتباع هم افراد وليسوا عوائل. فعوائل الشبيبة الملتحقة والمواظبة على كنيسة مار ماري باقون في كنيستهم الأم من حيث الانتماء والالتزام الاداري او من حيث المشاركة في العبادات او الخدمات الكنسية المختلفة كالعماذ والتكليل وغيرها.

وبذلك ومن مجموع الاعتبارات السابقة فانه من غير المتوقع ان يمتلك مار ماري وكنيسته، كنيسة المسيح الراعي الصالح، القدرة على اطلاق رعيات في خارج جغرافيته الحالية، هذا بافتراض انه يرغب بذلك. وحتى في حال تحقق ذلك، وهو احتمال ضعيف جدا، فان مقومات ديمومة واستمرارية هذه الرعيات المستقلة عن كنائسها المشرقية الأم، غير متوفرة وستكون آنية وبعمر قصير. خاصة وان مار ماري لا يقدم او يتبنى تعليما او عقائد جديدة مختلفة عن كنيسته الأم. فتعليمه ومواعظه، اذا ما اخذنا المضامين الشعبوية والسياسية لها جانبا، هي خليط تشكل كنيسة المشرق جزءه الاكبر. بل وصلواته الطقسية وتقويمه الكنسي وغيرها هي ذاتها التي لكنيسته الأم.

رصيد الرجل هو توظيفه للسوشيال ميديا وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي بالاضافة الى اسلوبه في الوعظ.

انه وباختصار صانع محتوى من الطراز الأول. وعمر ظواهر صناع المحتوى هو محدود بعمر ونشاط صانع المحتوى.

بكلمات أخرى فان ظاهرة مار ماري تبقى محصورة به حاليا حيث كهنته ليس لهم هذه المهارات لتوسيعها افقيا وتعميقها عموديا، وان والمستمعين اليهم انما يستمعون بسبب انهم كهنة مار ماري. وستنتهي الظاهرة مع غياب مار ماري لاي سبب وفي اي وقت كان.

لست أدري، بل لست متأكدا، ان مار ماري تساءل مع نفسه عن ماذا يلي غيابه في يوم ما، وماذا سيؤول اليه وضع اتباعه. أما متابعيه فلا بأس عليهم، فهم متابعون لا أتباع.

هل تتكرر احداث انقسام كنيسة المشرق؟

هناك من يتساءل فيما اذا كانت ظاهرة مار ماري ستأخذ منحى الانقسام الذي شهدته كنيسة المشرق في مطلع ستينيات القرن المنصرم، والذي أدى الى رسامة البطريرك الراحل مار توما درمو عام 1968 وهي اللحظة والفعل الذي رسخ الانقسام.

شخصيا، استبعد هذا السيناريو بسبب اختلاف الظروف الذاتية للكنيسة وشعبها، والظروف الموضوعية المحيطة بها والتي لم يقل تاثيرها على ترسيخ الانقسام عن تاثير العوامل الذاتية. بالاضافة الى اختلاف الجغرافيا والبيئة الحاضنة.

ناهيك عن دور وحضور ومقبولية الشخص نفسه، اي مار ماري، بين ابناء الكنيسة بالمقارنة مع البطريرك الراحل مار توما وكان مطرافوليطا عند بداية الانقسام. ويضاف الى ذلك العوائق القانونية الكنسية واشتراطات الرسامات، وان كانت هذه أمور لن يتردد من يريد الانقسام من تجاوزها. فمن يقرر ممارسة خطئية تقسيم الكنيسة لن يتردد في تجاوز قانون كنسي.

دعوة محبة أخوية..

ليس من المسيحانية بشيء، ولا من العدل والانصاف انكار أن مار ماري يمتلك من الالتزام والامكانات والمهارات ما يفتقده اكليروس الكنائس المشرقية. إنه رجل يعيش عصره.

نتمنى ان يكون قيمة اضافية الى الكنائس المشرقية وحضورها المسيحاني في حياة مؤمنيها في عصر تعيش فيه المسيحية تحديات واسئلة صعبة، فكم بالاحرى كنائسنا.

أن القيمة الاضافية لن تتحقق وبتاثير مستديم عبر الوضع الحالي الذي أختاره مار ماري.

القيمة الاضافية لن تتحقق بظاهرة عابرة قائمة على (One Man Show).

على العكس تماما، فان الوضع الحالي يلحق الأذى بالحياة المسيحانية لمؤمني الكنائس المشرقية وكنائسهم.

القيمة الاضافية ستتحقق عندما يراجع مار ماري وضعه القائم ولا يغرنه وجود مئات الالاف من الاتباع، ويستعيد الشراكة مع كنيسته الأم، الكنيسة الشرقية القديمة، التي في المقابل مطلوب منها ان تجد وتبتدع حلا معينا يوفر لمار ماري فضاء للنشاط الوعظي والخدماتي المجتمعي ضمن كنيسة واحدة وبمرجعية بطريركية واحدة وهيكلية كنسية وادارية وقانونية واحدة.

القيمة الاضافية لمار ماري الى الكنائس المشرقية والمؤمنون ستتحقق عندما يتخلى عن تنظيم كنيسة مختزلة في شخصه لا تمتلك مقومات الاستمرار الى ما بعد مار ماري.

القيمة الاضافية ستتحقق عندما يلتزم مار ماري ان يكون واعظا مسيحيا عابرا للمذاهب والكنائس.

ندعوه بروح المحبة والاخوة المسيحية الى ذلك.

ونصلي من أجله ومن أجل ذلك.

ونطلب اليه أن يصلي من أجلنا.

الخوري عمانوئيل يوخنا

نوهدرا 21 حزيران 2024

الروابط الى الاجزاء السابقة:

الجزء الأول: المدخل

http://etota.net/articles-books/articles/mar-mari-p1/

الجزء الثاني: من هو مار ماري؟

http://etota.net/articles-books/articles/mar-mari-p2/

الجزء الثالث ق1: أسباب توسع شعبية واتباع مار ماري

http://etota.net/articles-books/articles/mar-mari-p3a/

لجزء الثالث ق2: مار ماري وتوسيع الشعبية بتوظيف الاسلام والترامبوية

http://etota.net/articles-books/articles/mar-mari-p3b/

الجزء الثالث ق3: مار ماري وتوسيع الشعبية بتوظيف الكورونا والاعتداء عليه

http://etota.net/articles-books/articles/mar-mari-p3c/

الجزء الرابع: كنيسة المسيح الراعي الصالح.. إنشقاق جديد.. أم تحديث وتجديد

http://etota.net/articles-books/articles/mar-mari-p4/

الجزء الخامس: مار ماري.. بين التعليم العقائدي والارشاد السلوكي.. تابعوه ولا تبايعوه

http://etota.net/uncategorized/mar-mari-p5/

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *