أبتي غبطة البطريرك: لا تعاقبنا بسبب ….
ينطلق عنوان المقال من اعتبار الكاتب لطلب غبطة أبينا البطريرك في رسالة الواوات ودعوتها لتمزيق الممزق وتفتيت المفتت بانها عقاب جماعي على ابناء شعبنا الواحد بتعددية تسمياته.
فأتوجه بروح البنوة اليافعة الى الابوة الحكيمة لغبطته بالقول:
أبتي غبطة البطريرك مار لويس ساكو لا تعاقبنا بسبب:
اولاً: بعض المهجر الآشوري المتطرف فهم لم يرحموا شعبهم وآباءهم فكيف يكونوا تجاهنا نحن الكلدان وتجاه شخصكم.
فهم دنسوا هوية وتاريخ واسم شعبهم (ܐܬܘܪܝܐ) وشوهوه وابتدعوا له اسما لقيطا هو (ܐܫܘܪܝܐ)، وسجلهم في الاساءات الى مرجعياتهم الكنسية حافل بالاساءات والقذارات والسقوط والتسقيط.
وهم داسوا ودنسوا مقدسات مسيحيتهم وكنيستهم فباتوا يصلون ويستحضرون الإله آشور الهاً في مناسباتهم، وتحول بعض كهنتهم الى كهنة البعل في كنائسهم.
نشكر الله انهم أقلية ولكن ضجيجها مرتفع خاصة مع الصمت الذي يوحي بمهادنة او القبول الضمني لمرجعيات كنسية لهذا التدنيس.
فلا تعاقبنا بسببهم.
ثانياً: بعض التصريحات والمناشير عديمة الطعم واللون والرائحة يصدرها اسقف هنا او كاتب هناك عبر البحار والقارات.
فهناك، في كل المجتمعات، اناس مغرورون ومغرمون بحب الظهور بأية وسيلة كانت حتى لو كانت حشر انوفهم فيما ليسوا معنيين به ولا يعرفون تفاصيله أساسا، او عبر الاختلاف بغاية الاختلاف.
يا ابتي انه عصر التواصل الاجتماعي وعصر اعتماد بعض الاشخاص، وبينهم مسؤولون ومرجعيات، للايكات الفيسبوكية معيارا للنجاح الذي هو في الحقيقة محاولة في فضاء الانترنت لتغطية الفشل في الاداء الواقعي.
فلا تعاقبنا بسببهم.
ثالثاً: صمت الاكثرية الكلدانية الرافضة لمطلبكم في رسالة الواوات الداعية لتقسيم شعبنا.
الاكثريات بصورة عامة في مختلف الشعوب والاوطان وفي موقفها من مختلف الامور تكون أكثرية صامتة للاسف.
ولكن صمت اكثريتنا الكلدانية هو بحد ذاته اعلان موقف رافض لدعوة التقسيم.
صدقني يا ابتي ان الشارع الكلداني باغلبيته المطلقة يؤمن ويعترف ويلتزم اننا شعب واحد وانه يرفض دعوتكم لتقسيمنا.
الشارع الكلداني ليس معكم سيدنا فلا تعاقبنا بسببه.
رابعاً: كون العراق دولة دينية ارتهن قرارها السياسي واداءها المؤسساتي بدستور ديني وبمرجعيات دينية باتوا مرجعية فوق الدستور والبرلمان والقضاء.
لا تتخذوهم مثالا يجدر تطبيقه على شعبنا فالخطأ يجب ان يصحح لا ان يعمم.
نموذج تحول المرجعية الدينية الى سياسية ليس بنموذج العصر وليس بالنموذج المتمدن.
فلا تعاقبنا يا أبتاه بسبب كونه معتمدا في العراق فتحاولون استنساخه على شعبنا.
خامساً: أزمة الهوية الكلدانية التي يعيشها الكثير منا وخلط المفاهيم والجهل بمقومات وعناصر الهوية القومية حيث الخلط بين الديني والقومي وبين الكنسي والسياسي وبين رجل الدين ورجل السياسة. فهؤلاء هم تلاميذ التحقوا مؤخرا في مدرسة صحوتنا القومية الكلدانية ويحتاجون الى ارشاد وليس الى جرعات داعمة يجدونها ويتلقونها في تصريحاتكم بين الحين والحين.
حسنا فعلتم في مقالكم التوعوي بان الديانة تختلف عن القومية. ونأمل ان تلحقها غبطتكم بالقول والممارسة ان هناك اختلافأ بين المرجعية الكنسية والمرجعية القومية، فليس لأي منها ان تقوم مقام الأخرى.
والى ذلك الحين لا تعاقبنا بسببهم.
سادساً: بعض داخلنا ومهجرنا الكلداني الذي يفهم ويمارس التزامه القومي على انه مناكفة وصراع مع الآخر الاشوري وكأن وجود الكلدان مشروط بالابتعاد عن الاشوريين. وكأن الاشوريين كانوا السبب في تأخر صحوتنا القومية الكلدانية التي جاءت بعد قرن من الصحوة القومية الاشورية والسريانية. وكأن الاشوريون عربوا الكنيسة الكلدانية، وكأن الاشوريون هم من دفعونا الى العروبة والتعريب وقبول سياسات التماهي مع النظام العروبي البعثفاشي.
وكأن الآشوريون هم من منعونا من التشبث بهويتنا وخصوصيتنا القومية واعتبارها عنصرا اساسيا من عناصر وجودنا وحياتنا وممارساتنا اليومية الفردية والجماعية والمؤسساتية. وانها انتماء يستحق الالتزام ولا يتناقض مع الفضاء الديني والكنسي الذي ننتمي اليه. وكأن الاشوريون هم من جعلوا منا كتلة بشرية دينية لا تهتم بخصوصيتها القومية والثقافية.
لنتخذ من الاشوريين والسريان في التزامهم وحمايتهم لهويتهم القومية في كل جزئيات وتفاصيل الحياة قدوة وتجربة نستفيد منها في صحوتنا القومية الكلدانية.
لا تعاقبنا يا سيدي بسبب المناكفين من خلال شدكم للعصب الطائفي واعتماد الخطاب الشعبوي.
سابعاً: اننا نحن الكلدان لم نمارس ونلتزم العمل السياسي القومي المنظم.
نعم نحن كنا من اوائل مناضلي وشهداء العمل السياسي في العراق. ألم يكن الشهيد فهد مؤسس الحزب الشيوعي العراقي كلدانيا (البعض يعتبره متأشوراً خاصة مع ما يقال عن توصيته للحزب الشيوعي ان يكون له تنظيم اشوري)؟ ومسيرة المناضلين والشهداء الكلدان طويلة في صفوق الاحزاب الوطنية وفي مقدمتها الشيوعي العراقي والديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني.
بل ومع الزوعا وابناء النهرين وغيرهم من الاحزاب القومية لشعبنا المؤمنة بوحدته، فلا الكلدان رأوا تناقضا وحرجا في الانتماء الى هذه االاحزاب وقيادتها، ولا هذه الاحزاب وجدت تناقضا في هذا الانتماء. لانهم وببساطة واعين وملتزمين حقيقة اننا شعب واحد.
ليس ذنبنا ان الكلدان لم يشكلوا احزابا سياسية كلدانية ولم يطرحوا برامج ومطالب سياسية قومية كلدانية الا مؤخرا، وحتى هذا المتأخر جاء مصطنعا أحيانا، وضعيفا أحيانا اخرى، ومناكفا احيانا ثالثة.
فلا تعاقبنا بسبب تأخرنا في العمل القومي السياسي الكلداني.
أبتي الجليل،
اسمحوا لي أن اختم بهذه الاسطر التي لا اكتشف بها أمراً مجهولاً، كما لا اذيع بها سراً مطموراً.
فأقول:
ان غبطة البطريرك الكاردينال مار لويس روفائيل الأول ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانية، هو أكثر من يعرف، اكاديمياً وحياتياً، أننا نحن الكلدان شعب واحد مع السريان والاشوريين.
وأنه اكثر من يعرف ان ابناء موطنه الأصلي، قرية أومرا، هم ليسوا بذات الهوية القومية مع شيعة الناصرية، بل كانوا وما زالوا وسيبقون بذات الهوية القومية لمواطن الاشوريين في برور وصبنا واورمية ومواطن السريان في طورعبدين وسهل نينوى.
وأنه أكثر من يعرف ان الهوية القومية لكرمليس وبغديدة وبرطلة وتلكيف وتللسقف والقوش وزاخو وعنكاوة وسرسنك وباختمة وماردين ومديات وانحل وبوتان واورميا وسلامس وووووو هي هوية قومية واحدة.
وأنه اكثر من يعرف أن مشكلتنا ككلدان ليست في عدم وجود الواوات التمزيقية في مسودة اقليم كردستان.
وأنه اكثر من يعرف ان ادراج الواوات لن يضيف شيئا ايجابيا بل سيضيف مشاكل وانقسامات وهدر للجهود والوقت يضاف الى ما أهدرناه الى اليوم.
وأنه اكثر من يعرف أننا شعب واحد رغم تعددية التسميات التي غبطته أكثر من يعرف مصدرها واصولها واستنباطاتها.
لنتقي الله في شعبنا ونرحمه فما لديه من مشاكل يكفيه فلا تحملوه اخرى لا يقوى عليها.
القرار قراركم سيدنا.. والخيار خياركم سيدنا..
هل تكونون مع ما تعرفوه ونعرفه، ولكنكم تعرفوه اكثر منا. فيضعكم التاريخ في صف المنصفين للحقائق.
أم تنكرون ما تعرفون، وانتم أكثر من يعرف حكم التاريخ عندها.
رغم كل شيء، فاني وبخلاف الكثيرين ما زلت اراهن على حكمتكم وشعوركم بالمسؤولية، وما زلت واثقا انكم ستتخذون الحقيقة التاريخية والواقع والتحديات الراهنة والمستقبلية في الاعتبار عند حسم قراركم وخياركم.
صلوا لاجلنا
الخوري عمانوئيل يوخنا
نوهدرا 1 آب 2021
عاشت الايادي والجهود ، لعل سيدنا البطريرك يسمع ولكن هيهات المخططات قيد التنفيذ