غبطة البطريرك الكاردينال الراعي: كم تمنيتك بطريركا في العراق
بكركي صانعة تاريخ لبنان ومستقبله.
سيد بكركي صمام الأمان لمسيحيي لبنان الذين هم صمام أمان لبنان.
هكذا عرفنا بكركي وسيدها من بطون الكتب والذاكرة اللبنانية.
وهكذا عرفت بكركي وعرفتكم شخصيا، خلال سنوات مسؤولتي في كنيسة المشرق الاشورية في لبنان، يا سيدي سيد بكركي وتاج المسيحية المشرقية مار بشارة بطرس الراعي.
وهكذا تلمست لمس اليد حضوركم في المشهد اللبناني في سنوات خدمتي هناك وفي مشاركاتي في القمم الروحية وغيرها التي احتضنتها بكركي.
وهكذا نعرفكم يوم بعد آخر، وحدث بعد أخر، ومفترق تاريخي بعد آخر.
انتم صنعتم وتصنعون التاريخ..
وانتم صنعتم وتصنعون القرار السليم والمعالجات الحكيمة للازمات حيث تجمعون الفرقاء وتبنون الجسور.
تابعت بغبطة وسرور لا يوصف دوركم في المصالحة التاريخية بين الحكيم والوزير فرنجية.
من كان يحلم، مجرد حلم، ان تتحقق هذه المصالحة بين القوات والمردة.
بكركي وسيدها الكاردينال الراعي فقط يستطيع واستطاع ان يجعل الحلم واقعا.
وتابعت كما الملايين من متابعي الشأن اللبناني للمصالحة والتوافق السابق بين الحكيم والجنرال عون التي افضت الى ملء فراغ كرسي الرئاسة في قصر بعبدا، وهو كرسي الرئاسة المسيحي الوحيد في اوطان المسيحية الاولى في الشرق الاوسط.
اني على ثقة انكم بدرجة او بأخرى، بطريقة او بأخرى، بقناة او بأخرى، كنتم حاضرين في تحقيق تلك المصالحة والتوافق.
هذا بعض من الكثير مما تقوم به بكركي وسيدها في حلحلة الاوضاع ومعالجة الازمات.
من هنا كان وما زال وسيبقى بكركي الصرح الاهم في لبنان، والملجأ الأأمن في لبنان، ليس لموارنتها قادة وشعبا فحسب، وليس لمسيحييها كنائسا وقادة ومؤمنين فحسب، بل لكل لبنان، نعم كل لبنان، طوائفا ومرجعيات وساسة وشعب.
بكركي وسيدها عبر محطات التاريخ اللبناني، البعيد منه والقريب والمعاصر، تشهد بذلك.
هنيئا للبنان وشعب لبنان ببكركي وبطريركها.
يا ترى ما هو السر في ذلك؟
قد يكون من بين اسباب ذلك تاريخيا مكانة بكركي ومرجعيتها الكنسية والاعتبارية لاكبر طوائف لبنان.
ولكن السبب الاكبر كان وما زال، واني على يقين سيبقى، هو ان بكركي هي الحضن الدافئ والبيت الموثوق والأمين والمظلة الواسعة لكل ابناءه، نعم لكل ابناءه، ولكل المرجعيات السياسية وقياداتها حيث تقف بكركي وسيدها على مسافة واحدة من الجميع لانها وببساطة تحمل الشعور بالمسؤولية التضامنية مع الكل ولاجل الكل.
بكركي حاملة هموم الموارنة وكل لبنان لا يمكن لها إلا ان تكون بيت كل الموارنة وكل لبنان.
بكركي لم تكن جزءا من المشكلة بل كانت دوما جزءا من الحل، إن لم تكن كل الحل.
بكركي لم تطرح نفسها يوما بديلا لاحزاب موارنة ومسيحيي لبنان.
بكركي لم تطرح نفسها يوما بديلا عن نواب الموارنة ومجلس النواب اللبناني.
سيد بكركي يتعامل بحكمة ومسؤولية بالشان السياسي ولكنه لم يدخل يوما في بازار السياسة بل ترفع عن ذلك، لانه ارفع من اي بازار.
سيد بكركي لم يتخندق او يمايز يوما بين احزاب شعبه ولم يصب الزيت على نيران الصراع بينها بل على العكس من ذلك كان صمام الامان و”رجل الاطفاء”.
سيد بكركي لم يسع يوما لاضعاف احزاب شعبه او يشمت بضعفها. بالعكس تماما، لانه يدرك تماما ان ضعفها يعني ضعفه، مثلما قوتها تعني قوته.
سيد بكركي لم يوظف صراعات احزاب شعبه ليتجاوزها او ليلغيها. بالعكس تماما، وظف حكمته وهيبته ومرجعيته وقوته من اجل جمعها على المشتركات وتقويتها.
سيد بكركي لم يرشح رئيس جمهورية، ولا زكى وزيرا، بل كان راعيا ومشجعا ومسهلا لاتفاق وتوافق الكل.
سيد بكركي بقي ناصحا حكيما ومرشدا موثوقا من الكل، وبذلك استطاع ان يكون أبا للكل، وكسب ثقة واحترام الكل حيث لا يذكر اسمه وموقعه إلا بالمآثر الكبرى والاحترام والهيبة التي يستحقها.
كم تمنيتك يا سيدي، سيد بكركي، بطريركا في العراق لاجل مسيحيي العراق وشعب ووطن العراق.
صلوا لاجلي سيدي.
الخوري عمانوئيل يوخنا
نوهدرا 9 كانون الاول 2018