Home / Articles/Books / Articles / ج3 الكوتا الدينية: قتل للهوية القومية واجهاض للرؤية الوطنية

ج3 الكوتا الدينية: قتل للهوية القومية واجهاض للرؤية الوطنية

الكوتا الدينية: قتل للهوية القومية واجهاض للرؤية الوطنية
ج3: نحو تطوير نوعي للكوتا ترشيحا وانتخابا

ملاحظة: هذا الجزء الاخير من المقال كان جاهزا للنشر منذ الاحد الماضي، ورغم اني، وكما اوردت في الجزء الاول لا اعتقد ان المقالات المنشورة من كتابنا بمختلف توجهاتهم تؤثر على قرارات القراء الانتخابية لاني اعتقد ان الغالبية المطلقة من القراء هم ممن حسموا قرارهم وتصويتهم حتى قبل اطلاق الدعاية الانتخابية، الا انني ارتايت عدم نشره قبل الانتخابات لكي لا يتم تفسيره او تحميله او تاويله انتخابيا لصالح هذا او ذاك، كما ارتايت عدم تاجيله الى ما بعد الانتخابات لكي لا يفسر انه مصمم على ضوء النتائج المعلنة، فكان قرار نشره عشية الانتخابات (لا قبلها ولا بعدها).

شخصيا لست معنيا او مهتما بنتائج الكوتا “المسيحية” لاني ارفضها بالمبدأ، ولاني لن اشارك في انتخاباتها وتمنيت على ابناء شعبي ممن ما زالوا يلتزمون هويتهم ووجودهم القومي ان لا يشاركوا في ترسيخ الغاء الهوية القومية ولا يشاركوا في ترسيخ الدولة الدينية والحالة الذمية.
ولكن انتخابات الكوتا “المسيحية” حاصلة بمن قبل بالتنكر لهويته القومية وبمن سيشارك في التصويت من الناخبين “المسيحيين”.
واهنئ سلفا الفائزين بالمقاعد متمنيا لهم النجاح.
قلت لاحد المرشحين مازحا: هذه الانتخابات ستمنح لشعبنا “المسيحي” خمسة اشخاص جدد من اصحاب الملايين اتمنى ان يوفروا بعض فرص عمل جديدة من سواق وطباخين وحمايات وغيرها من امتيازات البرلمان. فمشروعنا القومي فشل في خلق فرص عمل لشبيبتنا فعلى الاقل اعضاء البرلمان الجدد ربما يوفرون بعضا من الفرص.

الكل بات يعرف ويعترف ويعمل بحسب قدرته وبشتى الادعاءات والاعلانات على اتهام المنافس “المسيحي” باستجذاب القوى السياسية العراقية الكبيرة واصوات ناخبيها في كوتا شعبنا “المسيحي”، ولكن وفي ذات الوقت وفي ازدواجية واضحة يعمل من تحت الطاولة ويرحب بهذا الاستجذاب اذا كان لصالحه.
ومن متابعة المشهد الانتخابي العراقي، ومن متابعة تجارب انتخابية سابقة فانه من السذاجة التفكير بان مقاعد الكوتا مستبعدة من حسابات القوى السياسية العراقية المختلفة. وهناك اكثر من عامل يدفع ويتيح التخطيط والعمل بهذا الاتجاه.
سنكتفي بهذه العوامل الاساسية ادناه:
العامل السياسي:
انشطار وتشتت القوائم الكبيرة للانتخابات السابقة الى قوائم اصغر في هذه الانتخابات مما يزيد من اهمية كل مقعد.
ومقاعد الكوتا تصبح هدفا سهلا لهذه القوائم بسبب رخص ثمن مقعدها من ناحية، وبسبب انه لا يترتب عليها اي التزام سياسي مع قائمة الكوتا المدعومة، لان الدعم اساسا ليس على اساس تحالف او برنامج انتخابي بل على اساس ضخ اصوات. وهو ضخ ترحب به وعملت باتجاهه قوائم الكوتا (بغض النظر عن المعلن في ادعاءاتها)، خاصة وانها دخلت في معركة انتخابية اجتثاثية فيما بينها، وهي حرب وصلت عند البعض محاكاة دعوات داعش لنحر الرقاب، كما اوردنا في مقالنا السابق. فاذا كانت مزبلة التاريخ، بتوصيف احد القادة، هي المحطة التي يتوقعها ويريدها لرفاق الامس، فما المانع من قيامه ومن تحت الطاولة بصفقة انتخابية قانونية تضمن ارسال “الرفاق المتساقطين” الى هذه “المزبلة”.

العامل القانوني:
1- تختلف انتخابات هذا العام عن سابقتها بانه لا يوجد فيها مقاعد تعويضية وطنية توزع على القوائم التي لها افضل باقي بعد توزيع المقاعد الصحيحة. حيث وضمن صفقات البرلمان الحالي تم توزيع المقاعد التعويضية على المحافظات الكردية والسنية والشيعية. بمعنى اخر وبغطاء قانوني تم محاصصتها في البرلمان القادم بين القوائم الكبيرة في البرلمان الحالي. وبذلك فان اصوات القائمة التي تفشل في الحصول على مقعد عام في اية محافظة تحترق.
ومن ناحية اخرى فان الية انتخاب كوتا شعبنا “المسيحي” والمقعد الصابئي من حيث كون العراق كله دائرة واحدة تغري القوائم التي لا حظوظ لها للفوز بمقعد عام في احدى المحافظات لتقوم وعوض ان تحترق اصواتها بضخ اصواتها في تلك المحافظة الى المقاعد “المسيحية” او المقعد الصابئي. على سبيل المثال لا الحصر: اذا كان المالكي يدرك ان ائتلافه لا يمكن ان يكسب مقعدا عاما في اي من محافظات الاقليم او في محافظة صلاح الدين فلماذا لا يجير اصواته في قائمة “مسيحية”.
كما ان تنافس القوائم الشيعية ضد بعضها يجعل كل منها مرشحة لدعم قائمة “مسيحية” ليكون هناك اكثر من قائمة شيعية تدعم كلا منها قائمة من قوائم شعبنا “المسيحي”.
والاحزاب الكردستانية ذات الشيئ لاصواتها في صلاح الدين او بغداد او المحافظات الجنوبية.
والحزب الشيوعي العراقي كذلك في المحافظات التي ليس له فرصة المقعد العام. واستغرب قيام الحزب الشيوعي الكردستاني بالترشح منافسا على المقاعد العامة في محافظات الاقليم ولا اجد له فرصة للفوز في اي منها، في حين ان ضخه لاصواته في عملية مشروعة قانونيا وانتخابيا ومفهومة ايديولوجيا وسياسيا كان سيضمن لقائمة الوركاء الفوز باكثر من مقعد في كوتا شعبنا “المسيحي” عوض حرق اصواته.

اعلاه هو تكتيك انتخابي قانوني ومشروع ولا غبار عليه. اما الرافضين له فعليهم معالجة قانون الكوتا ترشيحا وتصويتا وهذا سنورده لاحقا في هذا المقال.

2- الية توزيع المقاعد على القوائم في الانتخابات الحالية تعتمد قانون سانت لييغو المعدل، وتعديله تم بموافقة الكبار في البرلمان الحالي ليخدم فرصهم في الانتخابات الحالية، حيث تنص الالية المعدلة على تقسيم اصوات القوائم على 1.6 ثم 3 ثم 5 وهكذا.
وهذا يخدم القوائم الكبيرة ويضر بفرص القوائم الصغيرة التي على الواحدة منها ان تجمع كحد ادنى اصواتا = 1.6\3 +1 (اي 53% +1) من اصوات القائمة الكبيرة لتفوز بالمقعد الثاني، وباقل من ذلك فان المقعد الثاني سيذهب الى القائمة الكبيرة.
(مثال: بافتراض ان القائمة أ حصلت على 25 الف صوت فان القائمة ب يجب ان تحصل على 13334 صوت لتحصل على المقعد الثاني).
وهذا يغري القوائم من خارج الكوتا لدعم القوائم “الكبيرة” داخل الكوتا لضخ الاصوات لها لنيل اكثر من مقعد بحيث ان مقعدين في الكوتا يتم ضمانهما باصوات اقل بكثير من المقعد العام الواحد.

كيف نتوقع المشهد الانتخابي “المسيحي“:
اتصل بي اكثر من صديق محاورا في توقعات المشهد الانتخابي مما اضطرني واحتراما لهم لاتاحة بعض الوقت لنفسي في اليومين السابقين لقراءة في المشهد الانتخابي “المسيحي” وهي قراءة ليست بالمعمقة بسبب عدم اهمية الكوتا الحالية لي وبسبب الوقت ايضا. ولكن ربما القراءة توضح خطوط عامة يمكن للقارئ الراغب بالتعمق فيها او تصحيح فرضياتها.
اقول برايي انه باخذ العوامل اعلاه بنظر الاعتبار فان هناك قوائما لا اتوقع لها اية فرصة للفوز وكما يلي وبحسب تسلسل ارقامها:
قائمة (ابناء النهرين) (القائمة 298) التي ورغم الاصوات التي ستمتصها من رصيد الرافدين الا انها لن تصل الى حد الفوز بمقعد. وهذا الامتصاص يصب لصالح القوائم الاخرى المنافسة للرافدين والمرشحة برايي للفوز والتي سنوردها بعد حين.
شخصيا، ومن الحرص الواعي والمحبة بروح المسؤولية تجاههم، لا اتمنى لهم الفوز، لانهم، برايي، بحاجة الى صدمة ايجابية لمراجعة الذات وتقييم اداءهم في الزوعا1 وامتلاك الحكمة والجراة لاقرار الاخطاء والاعتراف بها والاعتذار عنها عوض الرهان على فقدان الشعب للذاكرة.
الفشل في الانتخابات ربما سيكون هذه الصدمة، في حين ان الفوز سيرشحهم للسير في خطى الزوعا1 من الغرور والتعنت على الاداء والمواقف الخاطئة وانكارها او تبريرها، خاصة وان ما نشاهده في الاداء الاعلامي للزوعا2 واداء وكتابات الكوادر والمناصرين هو استنساخ واجترار لاداء الزوعا1 منذ انتخابات 1992.
الفشل في هذه الانتخابات ومراجعة الذات وتحديد المسار سيضمن النجاح على المدى الطويل وهو ما يتمناه لهم كل الحريصين على مصلحة شعبنا، بينما الفوز في الانتخابات سيكون فوزا للمدى القريب وخسارة على المدى البعيد، ومن غير المستبعد حينها ان يتكرر معهم ما حصل للزوعا1 وهو ما لا يتمناه لهم اي احد.
قائمة (بلاد النهرين وطني) (القائمة 301) فرغم وجود السيدة فادية الياس المدعومة من الاتحاد الوطني الكردستاني (بحسب احد اللقاءات التلفزيونية التي شاهدناها على تلفزيون (ANB)) فشخصيا لا اعتقد ان وضع الاتحاد الوطني الحالي يتيح له وضع هذا الدعم (بمعنى ضخ الاصوات) في اولوياته وجهده. واعتقد ان الدعم لن يتجاوز حدود الدعم المالي والاعلامي.
قائمة (سورايى) (القائمة 304) التي لا ارى لها اصوات انتخابية لفوزها، مع احتمال حصول “مفاجئة” لا نعتقد بفرص تحققها باصوات الناخبين “المسيحيين” بل، في حال حصولها، فانها ستكون من خلال دعم انصار النظام السابق من البعثيين والعروبيين من “المسيحيين” او العرب السنة في نينوى.
قائمة اور الوطنية (القائمة 305) حيث لا نتوقع لها دعما من الناخبين، ناهيك الى ان بعض الداعمين السابقين من المرجعيات الكنسية يراهنون الان على قائمة (بابليون). نقلة سليمة ومشروعة كانت من القائمة بترشيح سيدة ارمنية ولكني لا اعتقد ان ذلك كفيل بضمان تصويت الارمن او بتحقيق ارقام تصويت للفوز بالمقعد “المسيحي”.
قائمة (كيان شلاما) (القائمة 306) المدعومة (بحسب اللقاء التلفزيوني اعلاه) من الحزب الديمقراطي الكردستاني، او على الاقل من شخصيات اشورية في الحزب. شخصيا لا اعتقد ان هذا الدعم يصل الى حد ضخ الاصوات، بقدر ما هو توظيف القاعدة العشائرية ومحدودية منطقة النفوذ لامتصاص اصوات من قائمة المجلس الشعبي، وهذا بالنتيجة هو لصالح قائمة الرافدين. وهناك من يعتقد ان هذا التكتيك حصل بالتوافق بين داعمي كيان شلاما وقيادة الرافدين بسبب التقاءهما في التعارض مع المجلس ومرجعيته، فمن المعروف لمتابعي الشان الاشوري حتى قبل تاسيس المجلس بوجود هذه المنافسات بين هذه الشخصيات الاشورية.
طبعا، هذا الافتراض يمكن ان ينقلب بمفاجاة ان كان هناك قرار سياسي، لا شخصي، بدعم كيان شلاما.

وبذلك تكون برايي القوائم الفائزة بالكوتا المسيحية وبمقعد واحد لكل منها كما يلي (بحسب تسلسل الارقام):
قائمة الوركاء الوطنية (القائمة 299) التي افترض من النقاط اعلاه ومن الخبرة السياسية والانتخابية المتراكمة للحزب الشيوعي العراقي ان تلقى الدعم المشروع والقانوني والمنطقي من اعضاء ومناصري الحزب الشيوعي العراقي في المحافظات التي ليس له فرصة الفوز بمقعد عام فيها من خلال تحالفه (التحالف المدني). شخصيا، ساستغرب كثيرا لو ان الحزب الشيوعي العراقي لن يصوت لقائمة الوركاء وتحديدا للسيدة شميرام مروكل.
قائمة الرافدين (القائمة 300) التي ورغم انحسار اصواتها في الوطن والمهجر فانها تبقى تمتلك خزانات من الاصوات تكفي لفوزها بمقعد برلماني مع احتمال جيد للمقعد الثاني بضخ الاصوات الشيعية من التصويت الخاص تحديدا، ردا لجميل تصويت الوزير لصالح القانون الجعفري.
قائمة المجلس الشعبي (القائمة 302) وهي ايضا رغم انحسار اصواتها (وخاصة مع وجود منافس هو كيان شلاما يستنزف او يمتص اصواتها) فانها تبقى تمتلك خزانات من الاصوات تكفي لفوزها بمقعد برلماني.
قائمة بابليون (القائمة 303والتي بحسب ما يقال عنها من المتابعين فانها قائمة مدعومة بالمال والاعلام، والاهم من هذا وذاك مدعومة بضخ الاصوات من قبل قوائم شيعية بما يجعلها تفوز بمقعد واحد على الاقل.
لمن سيؤول المقعد الخامس؟
من الصعب برايي التخمين لان الامر يعتمد على حجم الالتزام بضخ الاصوات من الداعمين للقوائم في الكوتا. فجميع الاربعة اعلاه مرشحين ان يفوز احدهم بمقعد ثان، اضافة الى الاحتمال الضعيف بان قائمة (سورايى) او (شلاما) تحقق المفاجاة وتفوز بهذا المقعد الخامس.
طبعا هذه مجرد توقعات قائمة على افتراضات وبذلك ربما ستكون مختلفة مع سقوط او تغير هذه الافتراضات.

كيف يتم احتساب المقاعد للقوائم الفائزة؟
للاطلاع على النصوص المعتمدة من مفوضية الانتخابات راجع هذا الرابط:
http://www.ihec.iq/ihecftp/2014/sys-2014/sys14re.pdf

كما قلنا ان الالية في تحديد القوائم الفائزة واعداد مقاعدها هي بحسب سان ليغو المعدل بقسمة اصوات القائمة على 1.6 ثم 3 ثم 5 وهكذا واختيار اعلى خمسة حواصل قسمة. اي في هذه الخظوة لا تختلف الكوتا “المسيحية” عن المقاعد العامة.
مثال افتراضي: دعنا نسمي القوائم “المسيحية” التسعة بالقوائم ق1، ق2، الى ق9. ودعنا نفترض ان نتائجها هي: ق1 26 الف صوت، ق2 24 الف، ق3 19 الف، ق4 12 الف، ق5 10 الف، ق6 6 الف، ق7 5 الف، ق8 4 الاف، ق9 3 الاف. سنحصل على الجدول التالي:

القائمة   الاصوات الكلية   القسمة على 1.6   القسمة على 3   القسمة على 5
ق1   26000               16250   8666   5200
ق2   24000               15000   8000   4800
ق3   19000           11875   6333   3800
ق4   12000            7500   4000   2400
ق5   10000            6250   3333   2000
ق6   6000            3750   2000   1200
ق7   5000            3125   1666   1000
ق8   4000            2500   1333   800
ق9   3000            1875   1000   600
المقاعد الفائزة تكون بحسب ما وضعناه بالعميق (مقعدين لـ ق1 ومثلها لـ ق2 ومقعد لـ ق3).
لاحظ ان ق4 لن تحصل على مقعد رغم ان لها 12 الف صوت اي نصف اصوات ق2، ولكن ق2 ستحصل على المقعد الخامس بسبب قانون ليغو المعدل وتقسيم الاصوات على 1.6 اولا. وكذلك ق4 رغم حصولها على 10 الاف صوت.

كيف يتم توزيع المقاعد على مرشحي القوائم الفائزة لشعبنا “المسيحي”؟
بسبب كون اصوات الكوتا “المسيحية” دائرة واحدة لكل العراق، ولكن المرشحين ترشحوا بحسب المحافظات الخمسة التي لها مقعد “مسيحي”، فان الية توزيع المقاعد على مرشحي القوائم الفائزة بالكوتا “المسيحية تختلف عن الية توزيع المقاعد العامة على مرشحي القوائم الفائزة في كل محافظة. وهي الية تبدو معقدة كما ان لها نتائج سلبية على فرص المرشحين الشخصية في القوائم الفائزة.
تنص الية توزيع المقاعد على مرشحي القوائم “المسيحية” الفائزة بحسب المصدر المشار اليه اعلاه على ما يلي:
(يتم ترتيب جميع مرشحي القوائم المتنافسة الفائزة على مقاعد المكون المسيحي حسب عدد الاصوات التي حصل عليها كل مرشح ومن الاعلى الى الادنى، وحسب الدوائر الانتخابية التي ينتمون اليها (بغداد، نينوى، كركوك، اربيل، دهوك)، بغض النظر عن الكيانات السياسية، ومن ثم يعطى مقد الدائرة للمرشح الحاصل على اعلى اصوات المرشحين المتنافسين ضمن هذه الدائرة، ويعطى المقعد الاخر للمرشح الحاصل على اعلى اصوات المرشحين المتنافسين على دائرة اخرى، وهكذا الى ان يتم توزيع جميع مقاعد المكون المسيحي على المرشحين وكياناتهم التي ينتمون اليها).
عمليا هذا يعني احتمال خروج المرشح الحاصل على اكبر عدد من الاصوات في احدى القوائم الفائزة لصالح مرشح من نفس القائمة في محافظة اخرى وله اصوات اقل بل وربما يكون اقل الاصوات بين مرشحي قائمته الفائزة. كيف ذلك؟
لان الية التوزيع لا تسمح بانتقال المرشح لقائمة فائزة من المحافظة التي ترشح عليها الى محافظة اخرى.
فعلى سبيل المثال ان قوائم (ق1، ق2، ق3، ق4) فازت كل منها بمقعد فانه في حال ان المرشح للقائمة ق1 و ق2 عن بغداد هما الاكثر اصواتا في قائمتيهما فان ايا منهما له اصوات اكثر (نفترض ق1) سيفوز بمقعد بغداد ويخرج مرشح ق2 عن بغداد من الفائزين، وينتقل مقعد ق2 من بغداد الى محافظة اخرى يكون مرشحها فيها حاز على اصوات اكثر من القوائم الفائزة الاخرى (ق3 و ق4) وبغض النظر عن عدد اصواته بالمقارنة مع زملاءه من اعضاء قائمته.
اتوقع انه ما زال غامضا للكثيرين ولذلك دعونا نسير بتسميات حقيقية ولكن بنتائج افتراصية بحسب توقعاتنا اعلاه:
لنفترض ان القوائم: الوركاء، الرافدين، المجلس، بابليون فازت كلا منها بمقعد (ونترك المقعد الخامس لصعوبة التكهن به ولكن سينطبق عليه ما نشرحه من الية توزيع المقاعد على الفائزين).
سيتم ترتيب اسماء الاربعين مرشحا لهذه القوائم تنازليا بحسب عدد اصوات كل منهم، من الاعلى الى الاقل، وسيتم وضع مقابل كل مرشح اسم المحافظة التي ترشح عنها. وتبدا تسمية المرشحين الفائزين.
فلنفترض، حتى لا يزعلون علينا الرافدين، ان السيد كنا هو المرشح “المسيحي” الحائز على اكبر عدد من الاصوات بين كل مرشحي القوائم الفائزة الاربعة (الوركاء، الرافدين، المجلس، بابليون). فعندها يفوز وقائمته بمقعد بغداد “المسيحي” لانه مرشح على بغداد، وبذلك يخرج مرشحي القوائم الثلاث الاخرى عن بغداد من سباق الترشيح (بغض النظر عن اصوات كل منهم ضمن قائمته) ويضمن لقوائمهم مقعد اخر في محافظة اخرى وبحسب عدد اصوات المرشحين لكل قائمة عن كل محافظة.
وتخرج قائمة الرافدين لانها استوفت مقعدها بافتراض انه مقعد “مسيحي” واحد، وتستمر في حال الفوز بمقعدين “مسيحيين”.
وبعده يسمى الفائز الاخر ومحافظته بنفس الالية وهكذا يتم التوزيع واسقاط النتائج وخروج مرشحي وتسمية فائزي شعبنا “المسيحي” الخمسة.
ولنستمر بخطوة اخرى لتوضيح المثال وباخذ الكوتا النسوية بعين الاعتبار:
ففي حال صدق التوقع بفوز السيدة شميرام مروكي بمقعد برلماني “مسيحي” هو مقعد قائمة الوركاء، فحيث انها مرشحة عن كركوك فان مقعد كركوك سيذهب اليها وبذلك يخرج جميع مرشحي القائمتين الفائزتين المتبقيتين (المجلس وبابليون).
وهكذا تقارن اصوات مرشحي القائمتين (المجلس وبابليون) والقائمة الفائزة بالمقعد الخامس (يصعب التكهن من ستكون) في المحافظات المتبقية ويفوز الحاصل من المرشحين على اكبر عدد من الاصوات على مقعد المحافظة التي ترشح فيها.
يعني يمكن ان لا يفوز مرشح لقائمة فائزة بمقعد برلماني رغم له عدة الاف من الاصوات في محافظة ما ولكن يذهب مقعده الى زميل له في قائمته له عدة مئات او اقل من الاصوات في محافظة اخرى.

نحو تطوير نوعي للكوتا ترشيحا وانتخابا:
شخصيا لست برجل القانون الذي تتيح له اكاديميته وخبرته وضع مسودة قانون للكوتا يطورها نوعيا لتكون اقرب الى تحقيق غايتها في التمييز الايجابي المتمثل بضمان وصول نواب للمكونات “الصغيرة” التي لا تستطيع الوصول من خلال المقاعد العامة.
ولكني وبحسب امكاناتي والتزاماتي المتواضعة تجاه شعبي وجودا ومستقبلا فاني اتقدم بهذا التصور للكيانات والمرجعيات السياسية القومية للنظر فيه وتطويره.
بداية نسال: ما هو خلل الكوتا الحالية الذي يحتاج الى معالجة وتطوير؟
برايي ان الخلل يكمن في:
اولا: خصوصيتها الدينية وهذا اوردناه في الاجزاء السابقة من المقال.
ثانيا: الية الترشيح حيث الكوتا الحالية تقوم على الترشيح بقوائم منفصلة عن القوائم العامة.
ثالثا: الية التصويت حيث العراق كله دائرة واحدة لها.

المعالجات المقترحة:
اولا: تصحيح هوية الكوتا من دينية الى قومية كما في كوتا انتخابات برلمان اقليم كردستان. واقترح المطالبة بمقاعد قومية لشعبنا باكثر من خمسة مقاعد، ودعم مطلب تخصيص مقعد للارمن بهويتهم وخصوصيتهم القومية.
اكرر ما قلته في الجزء الاول انه لو ان الاحزاب السياسية لشعبنا كانت قاطعت الانتخابات وطالبت بتصحيح الكوتا لتكون قومية لا دينية لكان تحقق مطلبهم لان مقاطعتهم كانت ستخلق ضغطا كبيرا يجبر الساسة العراقيين والمؤسسات والاطراف الدولية المهتمة لدعم المطلب.
هذا كان اقصر الطرق للمعالجة عوض الادعاء بالتزام الهوية القومية ورفض الدولة الدينية ورفض الحالة الذمية من جهة، واللهاث وراء الكوتا الدينية من جهة اخرى.

ثانيا: الزام القوائم المتنافسة في المحافظات التي يكون لشعبنا مقعد او اكثر فيها بان تضم هذه القوائم مرشحين من ابناء شعبنا. ويكون الفائز بالمقعد في تلك المحافظة هو المرشح الذي فاز باعلى الاصوات في اية قائمة كانت.
من نتائج ذلك انه كما في الكوتا النسوية حيث حتى الاحزاب التي لا تؤمن بتولية المراة وحقوقها فانها ملزمة قانونا ان ترشح نسوة للبرلمان، ومع الوقت يكون دور المراة وحقوقها امرا واقعا ومقبولا. فانه كذلك مع الكوتا القومية فانه يصبح الزاما والتزاما من مختلف القوائم والكيانات والمرجعيات السياسية العراقية بالاعتراف بوجود شعبنا وحقه في المشاركة والشراكة السياسية.
ربما يعترض قارئ بالقول: ان هذا سيعني حرمان احزابنا من فوز مرشحيها لصالح فوز اعضاء من شعبنا في القوائم او الاحزاب الكبيرة.
قد يبدو الاعتراض من اول قراءة واردا، ولكن مع التعمق فيه فان احتمال تحقق هذه المخاوف ستكون اقل مما هو متحقق وموجود حاليا.
فالقوائم المتنافسة في المحافظة التي لشعبنا مقعد فيها وبسبب تعددية هذه القوائم وبسبب الزامها ان يكون لكل منها مرشح من شعبنا ستضطر للبحث عن مرشحين مقبولين من ابناء شعبنا، وهذا سيضطرها للتفاوض والتحالف مع احزابنا وكياناتنا السياسية وعندها تكون هذه القوائم ملتزمة ببرنامج لهذا التحالف يضمن مراعاتها ودعمها لحقوق شعبنا، بينما الواقع الحالي هو ان هذه القوائم تضخ اصواتها في الكوتا لصالح هذه القائمة او تلك من قوائم شعبنا دون ان يكون لها اي التزام بمراعاة مطالب وطموحات وحقوق شعبنا في برنامجها.
بمعنى اخر ان هناك تطوير سياسي للواقع الحالي ولحقيقة ان اصوات تضخها قوائم كبيرة في الكوتا.
اما القوائم العراقية العامة التي لا تتنافس حاليا على المقاعد العامة في المحافظات التي لشعبنا كوتا فيها فلن تستطيع مد اصابعها في ساحة الكوتا. خاصة مع اخذ المعالجة المقترحة لالية التصويت (كما ستاتي لاحقا).
علما ان هذه الالية لا تحرم كيانات شعبنا التي لا تريد الدخول في تحالف مع القوائم العامة من خوض الانتخابات منفردة وامتلاك ذات الفرصة المتاحة لها حاليا لان تحديد الفائز من ابناء شعبنا هو للمرشح الذي فاز باعلى الاصوات.

ثالثا: من حيث التصويت، فان جعل العراق دائرة واحدة للكوتا فتح الباب الاوسع للقوائم الاخرى لتوظيف اصواتها المحترقة في المقاعد العامة في دعم هذا المرشح او ذاك في مقاعد الكوتا. في حين ان جعل دوائر مقاعد الكوتا، سواء بصيغتها الحالية او بالصيغة المقترحة اعلاه، على اساس دائرة المحافظة سيحصن ويمنع هذا التوظيف.
فعلى سبيل المثال فانه لو كانت مقاعد الكوتا والانتخابات الحالية على اساس المحافظة وليس دائرة واحدة، فانه كان سيكون غير متاح للقوائم العراقية في المحافظات التي لا حظوظ لها فيها من توظيف اصواتها في الكوتا. وبسبب التنافس الكبير بين القوائم العامة في المحافظة الواحدة فان الكثير من هذه القوائم لن تستسهل التضحية باصواتها وفرصها برمي اصواتها في الكوتا.
طبعا الامر كان مختلفا في الانتخابات السابقة (وكما اوضحناها سابقا) بسبب وجود المقاعد التعويضية. وعندما عمل البعض على اعتبار العراق دائرة واحدة في حينه فانه كان يدرك انه مستفيد من ذلك لان اصوات القوائم العراقية لم تكن تحترق وبذلك لم تكن توظف في الكوتا، ولكن في هذه الانتخابات ومع عدم وجود المقاعد التعويضية فقد انقلب السحر على الساحر وان القوائم ستوظف اصواتها المحترقة في الكوتا.

هذه، برايي، خطوط اساسية عامة لتطوير الكوتا وتحقيق غاياتها في المشاركة الوطنية وتطوير اليات المنافسة عليها وتحصينها بشكل افضل من الحالي (ولا اقول تحصينها بالشكل المثالي).
واكرر قولي اني لست رجل قانون ولكني اتمنى على اصحاب الخبرة والكفاءة والمسؤولية السياسية تجاه شعبنا ووجوده ومستقبله ودوره في العملية السياسية على مبدا الشراكة الايجابية ان يدرسوا هذه التصورات ويقوموا بتطويرها عوض الدعوات التي لا فرصة قانونية او سياسية او واقعية لها بالقول ان التصويت للكوتا يجب ان يكون محصورا بابناء الكوتا.
فهذه دعوة مرفوضة سياسيا ومستحيلة قانونيا ولها مترتبات سلبية على شعبنا ودوره السياسي.
وللاسف فاننا سمعنا هذه الدعوة من العديد من الكيانات والمرجعيات السياسية لشعبنا حتى ان احدهم يكرر قول الاخر دون التعمق فيه وتمعن مدلولاته ونتائجه.
ادناه بعض الملاحظات على هذه الدعوة التي ربما ستكون موضوع نقاش، اتمناه ايجابيا، بين كتابنا ضمن مناقشة مجمل الموضوع، واقصد تطوير الكوتا:
لماذا يحق للاشوري ان يصوت لقائمة وطنية عراقية؟ ولكن ليس للعربي او التركماني او الكردي العراقي ان يصوت لقائمة اشورية لها برنامج وطني؟ اين المبدا الدستوري بالمساواة بين المواطنين؟
لماذا يحق للشيوعي الاشوري ان يصوت لقائمة الحزب الشيوعي العراقي في المقاعد العامة ولكن لا يحق للشيوعي العربي او الكردي او التركماني ان يصوت لقائمة الشيوعيين الاشوريين؟
لماذا لا يحق للعراقيين ان يصوتوا لانسان اشوري اكاديمي او رجل اعمال او مثقف او او او رشح للانتخابات العراقية في قوائم الكوتا؟
لماذا لا يحق لجاري ان يصوت لي؟ بينما يحق لي ان اصوت له؟
هذه بعض الاسئلة المنطقية البسيطة..
ولنذهب الى المزيد:
اذا كان بعضنا رفض واعاق (بل وحارب) المطالب القومية لشعبنا ضمن سقف الدستور العراقي بحجة القول اننا لكل العراق وكل العراق لنا، وان المحافظة الادارية لسهل نينوى هي غيتو، وغيرها من التشويهات التي طالت وتنكرت لحقوق شعبنا بذرائع وشعارات وطنية، فكيف يمكن المطالبة اذن بغيتو التصويت.
فحتى لبنان الذي هو اكثر الدول طائفية، حيث طائفيته مشرعنة في الدستور والتشريعات التي قسمت البرلمان اللبناني الى كوتات طائفية فانه لم يمنع التصويت المختلط بين الطوائف. وعندما طرح في العام السابق ما سمي بالقانون الارثوذكسي الذي يحصر التصويت بمرشحي كل طائفة بابناءها، ورغم انه كان واضحا ان طرحه هو لمزايدات سياسية بين الاطراف المسيحية اللبنانية، الا ان اصحابه لم يتجرأوا على تقديمه للبرلمان بسبب حالة الرفض الواسع له على المستويين الشعبي والرسمي، حتى ذهب البعض بالقول انه تقسيم للحياة اليومية اللبنانية الى كانتونات طائفية. ويقطع التواصل والعيش المشترك للجار مع جاره في ذات البناية او المحلة او القرية او المدينة.
ثم عن اية شراكة نتحدث وعن اي دور نسعى اذا كنا نعزل انفسنا كليا، ترشيحا وتصويتا، ونتشرنق على ذاتنا؟
وكيف سنفرض انفسنا في اللعبة السياسية واستحقاقاتها وتحالفاتها اذا كنا نهمش نفسنا بنفسنا؟

انها دعوة لمناقشة الموضوع والتحاور فيه لبلوغ كوتا متطورة للانتخابات القادمة بعد اربع سنوات.
واعتقد ان نتائج الكوتا والانتخابات الحالية ستتيح لنا فرصة العودة لاغناء الموضوع واعطاءه حقه من الاهمية.
والرب يبارككم

الخوري عمانوئيل يوخنا
دهوك 29 نيسان 2014

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *