Home / Articles/Books / Articles / من لا انتخب؟

من لا انتخب؟

من لا انتخب؟

مع اقتراب يوم الاقتراع لانتخابات مجلس النواب العراقي في 12 من الشهر الجاري، لا اجد حوارا ونقاشا بين ابناء شعبي للاجابة على السؤال: من انتخب؟
اجابة تعتمد مناقشة استحقاقات شعبنا وبقية الشعوب العراقية واقليم كردستان وسهل نينوى حيث وجودنا الديموغرافي واستحقاقات عموم العراق شعبا ووطنا.
اجابة تعتمد المقاربة والمقارنة بين هذه الاستحقاقات وفرص واليات تحقيقها ابتداء من المرشحين والقوائم وتحالفات ما قبل الانتخابات مرورا بالبرامج الانتخابية وانتهاء باليات العمل في البرلمان وتحالفات ما بعد الانتخابات مع القوائم الاخرى لان الكوتا وحدها (حتى بافتراض وحدة موقفها لن تستطيع تمرير اي مشروع قرار في البرلمان)، تحالفات تهدف تحقيق مصالح شعبنا اولا مع الاخذ بنظر الاعتبار مناطق تمركز ديموغرافيته وظروفه الذاتية والموضوعية وتاثيراتها على وجوده وتحكمها بخياراته المستقبليه، بالاضافة الى انه في عالم السياسة هناك دائما مصالح مشتركة وليس اخذ دون مقابل.
اجابة تعتمد تقييم المرحلة السابقة (منذ 1992 حيث اول انتخابات يشارك فيها شعبنا بقوائم انتخابية لاحزابه السياسية) وما تحقق فيها وما لم يتحقق، وتحديد الاخفاقات واسبابها، واداء الاحزاب والبرلمانيين من شعبنا بممثليه القوميين في برلمان كردستان (حيث الكوتا قومية) او ممثليه المسيحيين في برلمان العراق (حيث الكوتا دينية).
وغيرها من الامور والمواضيع التي تتطلب حوارا شفافا ومسؤولا وموضوعيا ليقوم كل وبحسب استنتاجه وتقييمه لهذه الامور بتحديد خياره الانتخابي سواء على مستوى القائمة او المرشحين ضمنها.

ما اراه هو ان الجميع (بالمعنى العام) حدد خياراته حتى قبل اعلان القوائم والمرشحين والبرامج الانتخابية.
وهذا يعكس مدى التخندق والانقسام العمودي والتصارع لحد الغاء الاخر بين احزاب شعبنا التي باتت الانتخابات عندها يوم سباق رياضي (مع الافتقار الى اخلاقيات الروح الرياضية) يكون المهم فيه تحقيق الانتصار الرقمي على المنافس.

فالمهم هو من كسب اصواتا اكثر وليس المهم ما حقق سابقا او ما سيسعى لتحقيقه لاحقا، وكيف.
اليوم الانتخابي لشعبنا حاله حال يوم اكيتو حيث ترفرف الاعلام القومية والحزبية وتصدح الاغاني وتعلو الاصوات ويشتد التصفيق وترتفع نبرة الخطاب القومي ويصل الحضور الاعلامي مدياته الاقصى وليخبو ذلك في اليوم التالي لينام الشعب 364 يوما ليصحو في اكيتو اللاحق.
وكذا الامر مع يوم الشهيد.

هكذا ايضا هو يومنا الانتخابي حيث الفترة الانتخابية تكون مكتضة بالندوات والاعلانات وادعاءات الانجازات والمفاخر النضالية (معظمها وهمية او تضليلية) والخطابات الفوبيوية والشعبوية والوعود وقطع عهود الشرف والدم بين المرشحين والناخبين وووووو
وفي اليوم الثاني لنتائج الانتخابات يباشر عضو البرلمان باستلام امتيازاته بكل اشكالها، ويذهب الناخب ليواجه تحديات حياته اليومية الفردية والعائلية والمجتمعية والقومية سواء في مجال الاجابة واسشراق المستقبل الغامض او متطلبات اللحظة الانية.
فكلام الحملة الانتخابية تمحوه الامتيازات البرلمانية.
وليتكرر الامر بعد اربع سنوات من النوم والسبات حيث يستيقظ في موسم انتخابي لاحق المرشحون بشعارات وسقف اكثر ارتفاعا وبصوت ونبرة اعلى، لتستيقظ على وقعها الجماهير المتناقصة في الوطن والمتزايدة في المهجر لتطلب على صفحات الكمبيوتر ومواقع التواصل الاجتماعي ولتخرج في شوارع الاوطان البديلة في مشارق الارض ومغاربها مطالبة بحقوقها ووجودها ومستقبلها في الوطن المهجور الذي يسمونه “محتلا”!!!

خيار حدده الناخبون بناء على ولاء حزبي في مدرسة حزبية من محرماتها ان تاتي باسئلة مثل: ماذا؟ لماذا؟ كيف؟
خيار يستنتخ تجربة القائد الاوحد الذي باتت الامة بعده عاقرا لا تنجب. قائد اوحد تحرم مناقشته في زمن بات الناخبون انفسهم يناقشون في الذات الالهية ولكنهم ممنوعون من نقاش الذات القائدية. وان تجرا احد وفعل فالويل والثبور من الجيوش الاكترونية الجرارة الى قاموس يفوق بقذارته قواميس السياسات والاعلام العروبي، ومفردات يعجز طه حسين عن استنباطها مثل المنبطحون والمستكردون والمتاشورون والمتكلدنون ووو
خيار انتخابي ينعكس في اداء انتخابي رخيص لا يتوقف عند حدود الولاء للحزب او القائد بل يتعداه الى تسقيط الاخر بكل الطرق والاساليب المتاحة واللاشرعية في الحياة الواقعية او الافتراضية على الانترنت. كيف لا وشعبنا هو من اكثر الشعوب استخداما لمواقع التواصل الاجتماعي (اذا ما قورن مستخدميه بعدده).
كما لا يتوقف عند العامة بل اعضاء برلمان حاليين ورؤساء قوائم واحزاب و”نخب” ايضا.
خيار انتخابي باتت الحملة الدعائية من صور وملصقات وندوات وزيارات غير ذات معنى من حيث انها لا تؤثر شيئا في خيارات الناخبين لانها محسومة سلفا.

اني اعلنها جهارا وللتاريخ اذا كانت ما نراه من حملات واداء اعلامي وانتخابي لقوائم شعبنا ومناصريهم تمثل اخلاقيات وصورة شعبنا فاني براء براء براء من هذا الشعب.

بالتاكيد هناك استثناءات (للاسف قليلة وغير مؤثرة) سواء على مستوى القوائم او المرشحين او الناخبين.
وفي المقابل هناك من كان وما زال له الدور الاكبر في هذه الممارسة التي تراكمت اساليبها وقذاراتها منذ اطلقها عام 1992 عندما منح لنفسه حق منح او سحب ليس فقط صفة النضال القومي او الوطني من الاخرين عبر تخوينهم وتسقيطهم سياسيا وصولا الى محاولة اغتيالهم جسديا (في المنصورية في شباط 1994)، بل وسحب الهوية والانتماء القومي من المقابل المختلف معه سياسيا.
وما زال التسقيط والتخوين مستمرا واتسع عموديا وافقيا واصابت عدواه اخرون.
(وحيث ان الشيء بالشيء يذكر، فانه تعود بي الذاكرة الى المركز الثقافي الاشوري في دهوك بعد انتخابات 1992 حيث حددت الكوتا خمسة اعضاء برلمانيين ولكن البعض كان يصر ان لنا فقط اربعة اعضاء في البرلمان هم قائمة الزوعا حيث اسقطوا الهوية القومية الاشورية من السيد اغاجان. في المقابل كنت اقول ان لنا ستة اعضاء هم خمسة في الكوتا والشهيد فرنسو حريري رئيس الكتلة الصفراء الذي جاء الى الحياة اشوريا فكيف اسحب منه هويته القومية بسبب انتماءه السياسي، علما ان لا احد يزايدن على وفاءه واخلاصه ونضاله القومي فهو خدم وقدم اكثر من الاخرين ممن سمحوا لانفسهم سحب والغاء هويته وانتماءه القومي.)

لاجل هذا وذاك جاء عنوان مقالي: من لا انتخب؟ وليس: من انتخب؟
عنوان تعمدت اختياره من اجل محاولة (اظنها يائسة) لتحريك العقل الراكد الذي وهبه الله لنا للاسترشاد به ولكن الكثير منا قرر الغاء وجوده والتحول الى روبوت يتلقى وينفذ دون ان يناقش ويستفسر.
محاولة (متيقن من كونها يائسة) لياخذ الشعب المبادرة ويمارس حقه في مسائلة من يدعون تمثيله عن طريق عدم انتخاب من خان الامانة وفشل في المهمة او لا يبدو قادرا على الايفاء بها في حال انتخابه.

في المانيا حيث اضطررت مع عائلتي اللجوء اليها بعد محاولة الاغتيال التي تعرضت لها عام 1994 التحق ابنائي بالدراسة واكمل ثلاثة منهم، بنعمة الرب، دراستهم الاكاديمية بدرجة ماجستير، اثنان منهم في العلوم السياسية.
تعلمت منهم الكثير.
واحد اهم ما تعلمته هو انه قبل اتخاذ القرار والخيار في موضوع ما، فاني اضع جدولا بعمودين متقابلين: احدهما (Pro) اي (مع او لصالح) والاخر (Contra) اي (بالضد) وبالموازنة بينهما يتم الاختيار.
اي ليس هناك موقف مسبق او ايهام وتضليل للذات باخفاء ما قد يكون (مع) او (بالضد) بغاية الوصول الى خيار حددته مسبقا او اوجه الامور للوصول اليه.
بهذه المنهجية والمفاضلة بين (Pro) و(Contra) قمت بتحديد الكثير من الخيارات في الكثير من المواقف التي مررت بها، وبهذه المنهجية ساقوم بتحديد خياري الانتخابي بين القوائم المتنافسة، ولكن على اساس (من لا انتخب؟) لان سؤال (من انتخب؟) ليس على طاولة حوار شعبنا، الحوار المفقود اساسا.
ساشارككم هذه المفاضلة التي اتمنى ان يسمح لي ضغط الوقت من جهة واشغالي والتزاماتي من جهة اخرى ان انجزها في الايام القادمة قبل يوم السباق الرقمي بين القوائم المسيحية لاحزابنا القومية.
لن اخوض او اقع في فخ الاسماء بل ساكتفي بالـ (Pro) و(Contra) للقوائم. فانا متيقن ان في كل القوائم اشخاص كفوئين يستحقون التقدير والاحترام.
وساقوم بالمفاضلة ومشاركتها تصاعديا بحسب تسلسل ارقام القوائم:
المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري 113، اتحاد بيث نهرين الوطني 115، ائتلاف الكلدان 139، ائتلاف الرافدين  144، ابناء النهرين 154، بابليون 166
اتمنى ان اقوم بذلك ابتداء من مساء هذا اليوم، فالى اللقاء.
تحياتي

ملاحظة: لا ادري ان كان من حقي ان احلم بحوار حضاري متمدن بعيدا عن التسقيط والشخصنة والشتائم. فحتى احلامنا باتت رهينة البعض.

الخوري عمانوئيل يوخنا
نوهدرا دهوك
5 ايار 2018

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *