انهيت الجزء الاول من هذا المقال (الرابط في نهاية الصفحة) بوعد ان اسعى لمناقشة القوائم القومية المتنافسة على الكوتا المسيحية تسلسليا وبمنهجية المفاضلة بين ما هو مع او لصالح القائمة (Pro) او ضدها (Contra).
ولكني اجد ان كثرة مشاغلي وضيق الوقت وضغطه قبل الصمت الانتخابي لن تسمح لي بانجاز ذلك في الوقت المناسب. وحيث انه ليس عدلا نشر المفاضلة لبعض القوائم دون الاخرى، ارتايت ان انشر مقالا عاما يغطي المعايير التي اراها تستحق الاعتماد في قرار: من لا انتخب؟
بداية اود التاكيد هنا مرة اخرى ان ما انشره او اكتبه او اعلنه لا يمثل راي اية جهة اخرى ولا يلزم اية جهة او شخص اخر غير شخصي.
وحيث اني لاحظت في متابعات ما نشرته مؤخرا محاولات ليست بالجديدة للهروب من المحاججة الى التسقيط تارة او التسطيح تارة اخرى باتهامي انها مواقف شخصية نتاج خصومة مع هذا او ذاك. فاني اود التاكيد هنا ان مواقفي لم ولا ولن تعتمد او تنساق وراء الشخصنة كما يحاول البعض التعامل معها بغاية حرف البوصلة بعيدا عن اخطاءه وممارساته التي الحقت الضرر وما زالت بشعبنا وقضيته واستحقاقاته، وهي الاخطاء والممارسات التي دفعتني الى انتقادها، ومنذ تسعينيات القرن الماضي، نقدا مدعوما بالوثائق والوقائع والارقام والشواهد مما يجعل المقابل عاجزا عن الرد والمحاججة فيقرر الهروب منها اما باعتماد اساليب باتت معروفة في الرد، او تسويق اكذوبة انها مواقف عداء او خصومة شخصية بيني وبين الجهة السياسية الفلانية!!! وفي الحالتين لا اتلقى جوابا ونقاشا موضوعيا بل هجمة مشخصنة تتوجه الى الناشر وليس الى المنشور.
ان مواقفي هي نتاج قناعاتي التي لا اجامل بها احدا. كيف لانسان ان يعيش سلاما داخليا مع نفسه ان كانت مواقفه لا تنسجم مع قناعاته. وكيف لي ان لا اعبر عن قناعاتي ومواقفي من امور تهم وتؤثر على كتلة بشرية انتمي اليها وهي جزء اساسي من كينونتي.
هناك فرق بين ان يعطي رجل الدين رايه في امور وقضايا سياسية تؤثر عليه وعلى عائلته وقريته ومجتمعه وشعبه وبين ان يحترف السياسة. من حقي الثابت والطبيعي ان اعطي رايي بكل صراحة وجراة عن قضايا تخص الشعب الذي انا جزء منه، ولم ولن اتنازل عن هذا الحق. تذكروا اني لا اكتب لشخص محدد او للحظة آنية بل اكتب للشعب والتاريخ.
في الوقت الذي لكل قائمة انتخابية خصوصياتها، من عوامل لصالحها واخرى ضدها، وفي الوقت الذي تشترك فيه، قائمتين او اكثر، في بعض من الامور، مثلا اشتراك المجلس الشعبي وابناء النهرين دون سواهما في الاساءة الى مقدسات شعبنا حين روجوا لتسمية هرطوقية هي (اشورايا)، او اشتراك الرافدين وابناء النهرين في الخطاب الشعبوي والفوبيوي،
فان هناك موقفا واحدا مشتركا بين الجميع وهو حالة التناقض والشيزوفرينيا التي يمارسونها كاحزاب قومية علمانية ترفض الدولة الدينية وترفض التعامل معنا على اساس الهوية الدينية ولكنها تركض لاهثة وتتنافس بشراسة على كوتا ومقاعد بهوية دينية مسيحية.
اعتماد موقف قومي مشترك للاحزاب بعدم خوض الانتخابات ما لم يتم معالجة الامر واحترام الهوية القومية كان سيخلق ضغطا لتصحيح الوضع. وفي حال عدم الاتفاق على موقف مشترك، فان اي حزب كان يعلن مقاطعته للعملية الانتخابية بسبب الكوتا الدينية وضرورة تصحيحها الى كوتا قومية كان سيكون منسجما مع نفسه ويكتسب احتراما ومصداقية.
في الواقع الحالي اسمحوا لي بالقول ايها الاحبة في جميع القوائم انكم تعيشون تناقضا مع الذات حيث تدعون التزام هوية وخصوصية قومية ولكنكم تتنافسون على مقاعد بهوية دينية.
مثلما انتم جميعا تعيشون تناقضا بين ما تدعون في تصريحاتكم وبرامجكم من دعوة للدولة المدنية ورفض اعتماد مرجعيات دينية للمؤسسات السياسية ولكنكم بقبول الكوتا الدينية تسيرون في مسار مناقض لما تدعون.
من هنا فان هذه النقطة هي (Contra) لجميع القوائم دون استثناء.
التناقض الاخر، الذي اجده لدى جميع القوائم (باستثناء ائتلاف الكلدان) هي انها في الوقت الذي ولسنوات طويلة تقول، وانا اتفق معها، ان الازدواجية الادارية والامنية في سهل نينوى، حيث توجد ديموغرافيا مهمة وحيوية لشعبنا، اثرت كثيرا على وضع شعبنا وبقية مكونات السهل،
وفي الوقت الذي بقيت تدعو الى اعتماد الاليات الدستورية (رغم تحفظي الشخصي على وجود اليات دستورية سليمة في العراق ومن بينها المحكمة الدستورية التي هي غير موجودة في العراق)،
فان ايا من القوائم (باستثناء ائتلاف الكلدان) لم تلتزم في برنامجها تطبيق المادة 140 لاغلاق ملف المناطق المتنازع عليها، وهذا يشمل بقدر تعلق الامر بشعبنا منطقة سهل نينوى.
برايي هذا التناقض يثير الكثير من التساؤلات المريبة. احدها انهم ليسوا مؤمنين او مقتنعين بما يقولون عن الازدواجية فلذلك لم يتضمنها برنامجهم الانتخابي، او ربما لانهم لا يريدون اساسا انهاء الازدواجية ليبقى الموضوع مادة دسمة للترويج للخطابات الشعبوية والفوبيوية او لجني المكاسب المالية.
برايي ان السبب الثاني هو الاكثر احتمالا اعتمادا على التجربة مع بعض هذه القوائم في اقليم كوردستان حيث في الوقت الذي تعج فيه تصريحاتهم وندواتهم واعلامهم الفوبيوي بالتذمر والشكاوى (بينها ما هو صحيح) من امور في الاقليم ولكننا لم نجد يوما مشروع قرار او مناقشة في البرلمان لتصحيح الامر. نستثني من ذلك ابناء النهرين بشخص الدكتور سرود مقدسي.
مثلا، لسنوات نتحدث عن المناهج التعليمية، وتحديدا التاريخ وبشكل اكثر تحديدا موضوعة سمكو اغا، ولكن هل تقدم برلمانيو شعبنا في الاقليم بمذكرة طلب استجواب وزير التربية؟
ادناه بصورة عامة العوامل التي لصالح او لضد اختيار هذه القائمة او تلك، مع امثلة (للمثال لا الحصر) لتوضيح بعضها.
ومقدما ادرك حجم التجييش والشخصنة التي ساتعرض لها بعد هذا المقال بغية تكميم الافواه، ولكن ذلك لم يمنعني في السابق ولن يمنعني الان من قول ما اقتنع به بجراة وصراحة وشفافية وبنشره كلما رايت ذلك ضروريا. وادرك مقدما اتهامي بان المقال يتضمن تسقيط هذا او ذاك.
عفوا ايها السيدات والسادة، فانا اخر من يتبع التسقيط الذي انا احد ضحاياه. ان ما اورده من امثلة ووقائع (وليس استنتاجات او اجتهادات) هي التسقيط الذي مارسه ويمارسه البعض واني اوردها لاثبات ما اقول احيانا وكشهادة على السلوك التسقيطي للبعض احيانا اخرى، وفي الحالتين فان غايتي هي الضغط للتوقف عنه. ومع ذلك اعتذر مقدما ممن قد يعتبر ما اورده من امثلة اساءة لا اريدها ولم اقصدها لاي احد.
ما هي العوامل التي تؤثر ايجابا لصالح القوائم:
• عابرة للانتماءات التسموية او المذهبية او المناطقية وتؤمن بوحدة شعبنا بتعددية تسمياته وتلتزم العمل على هذه الوحدة وتعديل الدستور والتشريعات بما يعكسها.
للتاريخ نقول ان جميع القوائم باستثناء ائتلاف الكلدان تعكس هذه النقطة في اسمها وتشكيلتها.
• تلتزم احترام مقدساتنا القومية من تسميات ولغة وتاريخ وترفض بالمبدا والممارسة المساس بها.
• تلتزم مبدا الحوار واحترام الراي والراي الاخر.
تحية وتقدير اكرر تقديمها الى قائمتي اتحاد بيث نهرين الوطني وابناء النهرين بشخص رئيسيهما السيدين صباح برخو وميخائيل بنيامين لقبولهم مبدأ المناظرة السياسية بما تعنيه من حوار متمدن وشفاف مع المنافس ومع الناخبين.
• امتلاكها لجراءة وثقافة الاعتذار عن الممارسات الخاطئة التي ارتكبتها في مسيرتها السياسية كحزب او قيادات حزبية.
كيف لي مثلا ان اصوت لابناء النهرين وهم لم يمتلكوا جراة الاعتذار عن مشاركتهم فترة قيادتهم في الزوعا عن ما شاركوا في ارتكابه من اخطاء وممارسات بحق شعبنا وقضيته ومؤسساته واحزابه وناشطيه؟ اليس عدم الاعتذار اصرار واستعداد للتكرار؟
راجع مقالي في حينه: (رسالة مفتوحة الى الاخوة في زوعا2) ورابطه في نهاية هذا المقال.
• التزام توحيد ديموغرافيا شعبنا تحت مظلة ادارية ودستورية واحدة ورفض سايكس بيكو جديد على شعبنا.
كيف لي ان اصوت لمن يرفض تواصل الديموغرافيتان الوحيدتان المتبقيتان لشعبنا في العراق (سهل نينوى وكردستان) تحت مظلة دستورية وادارية واحدة دون اي سبب سوى الفوبيا. طبعا مع التزام الاليات الدستورية ومن ضمنها قرار ابناء سهل نينوى.
• ترفض وصاية المرجعيات الدينية والكنسية وهذا لا يعني عدم احترامها او تشاركيتها وتفاهمها معها.
كيف لي ان اصوت لقائمة هي خطوة اخرى في برنامج عمل واضح ومتعدد الخطوات انطلق قبل سنوات لوضع الهوية والشان القومي والسياسي تحت الجبة الكهنوتية الكنسية في استنتاخ للشيعية او السنية السياسية.
• تتميز بالدماء والطاقات الجديدة وتلتزم ديمومة التواصل والتفاعل مع ابناء شعبها وعدم اقتصاره على المواسم الانتخابية او الاحتفاليات او المناسبات.
من منكم يتذكر شخص اسمه لويس كارو؟ هل تعرفون انه مثلكم لثمانية سنوات وانه كان “صوتكم” في البرلمان؟ متى كانت اخر مرة سمعتم به او التقيتموه؟
قام المرشحون وما زالوا بزيارات وندوات لجميع مناطق شعبنا في الحملة الانتخابية الحالية ولكنهم لم يفكروا بهذه الزيارات، الا نادرا واستثنائيا، على مدى دورتهم البرلمانية السابقة. نتمنى ان لا ينسوا ناخبيهم بعد الانتخابات.
السيد النائب عماد يوخنا بالامس (6 ايار) تذكر فقط ان هناك قرية اشورية اسمها باختمة وهي من القرى الكبيرة في دهوك. صح النوم.
• تؤمن وتلتزم بالعمل المؤسساتي في الحزب او المجتمع او الوطن. العمل المؤسساتي هو وحده صمام الامان من التخبط والارتجالية وهو وحده الضمان لتحقيق النتائج.
كيف لي ان انتخب من عمل منهجيا على تدمير وشلل ما كان موجودا من مؤسسات، ولو بحدها الادنى، عوض تطويرها.
• يكون الوطن هو رصيدها وقبلتها وهدفها في مواقفها وسياساتها ويبقى المهجر داعما للوطن وليس موجها له او يقوده.
هل لاحظتم ان الخطاب السياسي لاحزابنا هو موجه الى المهجر بل وخاضع له اكثر من التزامه الوطن وتحدياته وواقعه؟
• تلتزم اخلاقيات العمل السياسي النظيف.
كيف لي ان اصوت لقائمة مارست قيادتها السياسية محاولة التصفية الجسدية او قامت بفبركة التهم للوشاية الامنية لدى الاساييش لاغلاق مقر الحزب الوطني في نهاية التسعينيات.
• ترفض المبالغة في الاستفادة من الامتيازات المالية.
اما العوامل التي ليست لصالح اختيار قائمة دون غيرها، فهي بالتاكيد عكس العوامل اعلاه ولذلك قد تبدو تكرارا في المضمون واختلاف في الصياغة عن النقاط السابقة:
• تبنيها تسمية ضيقة دون اخرى في اسمها وتشكيلتها وبرنامجها.
قائمة ائتلاف الكلدان باسمها وتشكيلتها ومنذ تسجيلها انتخابيا في المفوضية قالت للسريان والاشوريين انا لست معنية بكم ولا باصواتكم ولا بهمومكم ولا بقضاياكم. فكيف يمكن للسرياني او الاشوري، وانا احدهم، ان ينتخبها؟
• ترويجها لهرطقات تسموية تسيء لمقدسات وتاريخ شعبنا.
المجلس الشعبي ومن على منبر برلمان كردستان اساء وشوه تسمية شعبنا التاريخية واطلق عليه اسم (اشورايي) ولم يعتذر ويصحح الامر. وابناء النهرين من على مواقع التواصل الاجتماعي قاموا بذات الامر طمعا باصوات هراطقة اشورايى.
فمن لا يحترم مقدساتي وتاريخي كيف يتوقع ان ائتمنه على مستقبلي؟
• انحصار وجودها الجغرافي على الارض في منطقة دون اخرى من ديموغرافية شعبنا.
الى حد ما اتحاد بيث نهرين الوطني مثالا.
• تبنيها لاجندات سياسية لا تراعي اولوية مصلحة شعبنا. طبعا هناك فرق بين هذا الموقف وبين التحالف فهو امر لا بد منه في السياسة.
هل نستذكر القانون الجعفري مثلا؟ او التصويت لصالح عدم المساس بحدود محافظة نينوى وهو يعني حتما التصويت ضد استحداث محافظة سهل نينوى. او تغطية تشييع برطلة وتامين الممر الاستراتيجي لربط ايران بسوريا.
• فشل ممارستها ومواقفها في تجاربها السابقة في التعامل مع قضايا شعبنا واستحقاقاته.
هل نستذكر التخبط في مواقف البعض بشان محافظة سهل نينوى؟ وهل نستذكر الامس القريب في التصويت لصالح ممثل مسيحي في المفوضية دون ان يمتلك حق التصويت؟
• التناقض بين الادعاءات والافعال والخطاب التضليلي المحشو بالاكاذيب والتناقضات.
• وكذلك الخطاب الشعبوي الفوبيوي الذي يهدر فرص المستقبل لشعبنا في وطنه وديموغرافيته المعروفة.
راجعوا مقالي: (رسالة محبة مفتوحة الى الزوعا وابناء النهرين والوطني) على الرابط في نهاية المقال.
• الانتقائية في اختيار الامثلة للتسويق لمواقف سياسية مسبقة.
هل لاحظتم الانتقائية وانكار حقائق الواقع وعمى الالوان السياسي في المقاربة بين اوضاع شعبنا في الاقليم واوضاعه في مناطق الحكومة المركزية.
• الفساد المالي والمحسوبية.
هل نستذكر حجم الفساد المالي في برنامج حكومة اقليم كردستان لاعمار قرى شعبنا تحت اشراف مباشر من السيد سركيس اغاجان (الاب الروحي للمجلس الشعبي وقوائمه الانتخابية)، وكم كان سيكون البرنامج، رغم الكثير الذي حققه، اكثر انتاجا وجدوى لولا الفساد المالي الذي صاحبه.
وهل نستذكر ان السيد جيفارا زيا عضو المكتب السياسي للزوعا (قبل استقالته الاخيرة) محكوم لاختلاسه المال العام (وهي بحسب معرفتي المتواضعة جنحة مخلة بالشرف) وقضى عاما في السجن بسببها.
• ضبابية وجودها وتوجهاتها وارتباطاتها.
قائمة بابليون مثالا. والى حد ما المجلس الشعبي وحصره برغبة وارادة شخص واحد يمتلك حق الفيتو على كل شيء.
من هنا وبالمفاضلة بين الـ (Pro) والـ (Contra) للقوائم المتنافسة، وبمعرفة انه من غير الممكن ان تكون قائمة تمتلك كل عوامل الـ (Pro) وتفتقر الى كل عوامل الـ (Contra)، واعتمادا على الواقعية السياسة فاني شخصيا لن انتخب:
ومن حقي الطبيعي ان اتمنى على اصدقائي ومن يشاركونني الهم القومي والرؤية المستقبلية ان يفعلوا الشيء ذاته.
تحياتي
نوهدرا دهوك 6 ايار 2018
في مقال لاحق قبل الانتخابات ساحاول استقراء التوزيع المحتمل لمقاعد الكوتا على القوائم المتنافسة.
الرابط الى الجزء الاول من هذا المقال (من لا انتخب):
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,874145.0.html
الرابط الى مقالي (رسالة مفتوحة الى الاخوة في زوعا2):
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,702436.0.html
الرابط الى مقالي (رسالة محبة مفتوحة الى الزوعا وابناء النهرين والوطني):
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,864324.0.html