Home / Recommended / Articles / تسميم الفضاء القومي

تسميم الفضاء القومي

تسميم الفضاء القومي

مقال للكاتب تيري بطرس منشور على موقع عنكاوة

العمل السياسي ليس مسيرة خط مستقيم، لا يمكن للإنسان ان يحيد عنها، ان من يروم ان يدخل العمل السياسي، يدرك بلا شك، انه سيخضع، لمؤثرات مختلفة، فالتحالفات لا تتحقق دون موازنة المصالح بين الأطراف المتحالفة. وهنا الضعيف يمكن ان يخضع للضغوط أو حتى للإهمال، وما يدفعه للتحالف هو عدم الإهمال، لان الإهمال يعني اإلغاء وجوده وعدم مراعاة مصالحة كليا. هذه الأمور مفهومة في العمل السياسي. وما يدفع الضعيف هو الامل في ان يقوى، بمختلف الطرق، بعدد الاعضاء، بالاموال والموارد المادية، الاعلام، امكانية المساومة مع اطراف اخرى لتحقيق مصالح اكبر، والمساومة مع الحليف لبناء توازن جديد. من هنا لا استقلالية في العمل السياسي بالشكل الذي يتم خداع ابناء شعبنا به. ومن هنا كنا نود ان لا تكون احزابنا، احزاب شعارات الليل التي يمحوها النهار، بمعنى شعارات الامل التي يزيلها الواقع والقدرات والامكانات.

ومن هنا كانت نظرتنا للعمل السياسي القومي في شعبنا، مبنية على محاولة تفهم ظروف الطرف الاخر، وما هي دوافعه لاتخاذ بعض القرارات او المواقف اوالسكوت عنها. لا يخفى على احد ان الطرف الذي ظهر متكلما باسم شعبنا في بداية التسعينيات من القرن الماضي، كانت الحركة الديمقراطية الاشورية. ورغبة منا في دعمها لم نعلن الوجود السياسي لحزبنا حينها، بل فضلنا ان نتحاور في الخطوة معهم ولكي لا تتقاطع طرقنا ونتجه توجهات مختلفة. وكانت رسالة الحزب الوطني الاشوري في ربيع 1991 ، والتي لم يتلقى عليها جواب، ولكن رغم ذلك دخل الحزب في حوار مع الحركة بعد الكثير من الاخذ والرد، وما دمر هذا الحوار باعتقادي هو خروج وفد الحركة بقيادة نينوس بثيو، والاستقبال الذي لقوه، في الخارج وكان الوفد قد حرر نينوى. المهم ان الحركة كانت في الجبهة الكوردستانية، وكانت في الحكومة المشكلة وكان هذا اعترافا بكوردستانية المنطقة واعتبار الامر مسألة واقعية والتعامل معها على هذا الاساس. من جهة حكومة المقامة حينها في المنطقة الامنة، والمجلس الوطني الكوردستاني الذي كان يضم اربعة اعضاء من الحركة والاخر من الحزب الديمقراطي الكوردستاني كممثلين لشعبنا او الكوتة. قدمت ومن خلال وجود المرحوم الشهيد فرنسوا الحريري والسيد سركيس اغاجان وبمبادرة منهم انضم اليهم لاحقا الممثلين الاربعة وبعض الاخوة الكورد لتقديم مقترح الاعتراف باعيادنا القومية واعتبارها عطل رسيمية لنا. اما مسألة التعليم السرياني، فان حكومة الامر الواقع المقامة في المنطقة الامنة، اقرت في قانون وزارة التربية حق ابناء الاقليات التعلم بلغتهم الام. وكان هذا القانون حجة لقيام بعض الخيرين لفتح صفوف التعليم بلغة الام واعتقد ان اول من عملها كان الاب شليمون ايشو في قصبة سرسنك. وقامت مجموعة من اعضاء الحزب الوطني بالدعوة لعقد اجتماع قومي للمطالبة بالتعليم بلغة الام لكل ابناء شعبنا وتم دعوة الحركة الى الاجتماع، وحضر وفد منهم بالحاح من الداعين. وتم تشكيل وفد ضم بعض الاخوة وحسب ما يرد في ذاكرتي ضمت الاخ يلدا خوشابا وروميل شمشون والمرحوم شمائيل ننو والتقوا في مقر المجلس الوطني الكوردستاني وطالبوا بتطبيق الفقرة المنوه عنها في قانون وزارة التربية. في الانتخابات الاولى التي اقيمت في المنطقة لانتخاب المجلس الوطني الكوردستاني، تم تخصيص خمسة مقاعد لابناء شعبنا وتحت تسمية الاشوريين، ولكن لمرة واحدة، ولكن في الممارسة العملية تقدمت قوائم اخرى من ابناء شعبنا ولكنها تابعة للحزب الديمقراطي الكوردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكوردستاني تحت تسميات مثل مسيحي كوردستان والحزب الشيوعي الكوردستاني تحت اسم قائمة الكلدوا اشورية. هنا كان هناك نقاش حول المشاركة في الانتخابات ام لا، وقد طالب البعض بعدم المشاركة لان الاحزاب الكوردستانية مثل الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني يريدون تشويه الحق في ان تكون لنا خمسة مقاعد قومية، بدخولهم تحت تسمية مسيحية، الا ان الحركة اصرت على المشاركة وقام اعضاء الحزب الوطني بدعمهم.
في ذلك الوضع والذي كانت كل المقاييس تقول بان وزن شعبنا السياسي، ضعيف، وكان من المفترض في قيادة الحركة فتح الابواب للحوار والنقاش، ولو من خلال هيئة تحاور في العمل المشترك والياته والشعارات المرفوعة ودور التعدد السياسي في دعم تجربة شعبنا والدفاع عنه، افترضت الحركة الديمقراطية الاشورية انها الممثل الوحيد لشعبنا وليس هناك اي طرف اخر له وجود. ولذا سريعا ما دخلت صراعات مع اطراف متعددة، وهي لم تكن متهيئة اصلا لذلك. فبعض تلك الاطراف ومن منطلقات خاصة لم تمانع ان تمد يدها الى الاقوى، وان تعلن ان الحركة لا تمثلها، منطلقة من مسألة التسمية كمثال. واضطرت الاطراف الاخرى مثل بيت نهرين والوطني الاشوري للنزول الى الساحة، واعلان مواقفها المتطابقة او المختلفة عن الحركة. واشعلت الحركة ومسانديها، وخصوصا في المهجر ممن انتشى بالاخبار والادعاءات المبالغ فيها عن قدرات الحركة وامكانياتها. الى وصم كل احزاب شعبنا وخصوصا الوطني الاشوري وبيت نهرين بالعمالة والخيانة ومحاولة العزل من الساحة القومية وحتى الاجتماعية ومن الساحة الوطنية. وصار من التحق بالحركة وان كان اول مرة يعمل في العمل القومي، مرجعا وقاضيا وموجها، مما ادخل المجتمع في صراعات تمحورت حول الخيانة، لان المنتشين الذي تناسوا او لم تثرهم مشاركة الحركة في حكومة كوردستان العراق او الجبهة الكوردستانية حينها، كما هو الان، وكانهم صحوا وادركوا ان الكوردستانية لا تليق بهم في ظل حالة ضعف شديد يطال احزابنا وكل المجتمع.
لقد كانت محاولة الاغتيال التي اقدمت عليها الحركة والتي طالت احد اعضاء اللجنة المركزية للحزب الوطني الاشوري، احد المفاصل لانها دخلت في محرمات العمل السياسي القومي وتجاوزت كل ذلك الى ان الحركة تريد ان تفرض رايها او نظرتها وبالحقيقة ان تحول الجميع الى الطاعة والا، اي البديل الاشوري للدكتاتورية. والتي لم يكن لها اي دعائم حقيقة على الارض، لان السلطة الحقيقة كانت بيد الاحزاب الكوردية. ولان هذه الاحزاب كانت منشغلة بصراعاتها، فتركت الحركة تتعامل مع ابناء شعبنا وتحاول ان تفرض ارادتها والتي فشلت فيها، لانها كانت ارادة واهنة يكذبها واقع ما يعيشه شعبنا.وخصوصا ما تعرض له الفوج الاشوري، وحوادث طالت ابناء شعبنا وبحالات اجرامية حقيقية لم يتم احقاق حقوق المظلومين فيها، مثل حادثة هيلين ساوا، وادرو خوشابا والعائلة من شقلاوة ومقتل بعض ابناء مانكيش. وهؤلاء القتلى الدين يمكن اعتبارهم شهداء لان قتلهم كان لانهم مستضعفين ومن غير الكورد او المسلمين. من هنا بدأت الصراعات التي اشعلتها الحركة في المجتمع الاشوري بالدخول الى بيتها الخاص من خلال استقالة بعض من قياديها وكوادرها ممن لم ترتضيهم توجهات وسياسة الحركة. علما ان الحركة في كل هذه الحوادث بقت صامته ولم تثر حتى أي نقاش او حوار حولها معلله بانها طرف ضعيف بين وحوش
هذه صورة قلمية لبعض ما حدث وكيف بدأت حالة تسميم فضاء ثقافتنا. فنحن ضحايا نظام دكتاتوري، ورافعين شعار الديمقراطية، لم نتمكن من ان نتحاور بل فرض على الجميع اما الصمت او الصاق التهم به من العمالة الى التهم الاخلاقية وغيرها. واستسهل البعض هذا العمل حينما راى ان البعض يسارع الى الابتعاد وترك الساحة ان تم التعرض له باي تهمة من قبل انصار الحركة. ولكنهم تناسوا ان البعض ممن يتعرضون لذلك، اناس لهم تجاربهم القومية وتاريخهم النضالي وقدرتهم على المقاومة وعدم ترك الساحة للكذبة والمنافقين وخصوصا ممن وجدها فرصة مناسبة لكي يظهر وكانه قائد قومي بدون ان يدرس ولو كتاب في تاريخ الامة او ان يخط ولو قصيدة في حب امته، او ان يتبرع ولو بدولار من جيبه لصالح العمل القومي. وسارع كل من كان في ماضيه شائبة الى الالتحاق بالحركة لكي يزايد الاخرين في انتماءهم وعملهم. وصارت الحركة هي معمل تعميد الناس قوميا، وخصوصا من كان له ماض اسود. ولم ندرك ابعاد هذه التحولات الا لاحقا، حينما ظهرت اسماء البعض وهي ترفل بانها كانت تعمل مخبرة لدى سلطات صدام واجهزته القمعية.
وعندما بداء الانترنيت والبال تاك بالانتشار، تم استغلالها ابشع استغلال من قبل طرف انصار الحركة، فقاد انصارهم هجمات لم تشمل فقط الوطني الاشوري وبيت نهرين، بل امتدت لتشمل كل من حاول ولو ان ينتقد جزيئة بسيطة من ممارسات الحركة. فشمل الانتقاد بطاركة الكنائس والكثير من المثقفين، ولو كان الانتقاد بصورة حضارية لهان الامر بل لرحب به، ولكنه كان سبابا علنيا. ونباح كلاب اكثر منه حوار يفهم. ودخلت المجاميع المنشية باللباس القومي الذي لبسته فجاءة مواقع شعبنا وحولتها من حوار ثقافي ونشاط للبناء الى مواقع للابتذال في احيانا كثيرة.
وفي كل مفصل من مفاصل العمل السياسي كانت الحركة الديمقراطية تقود حملة تشويه كبيرة ضد الاخرين وتختلق تجمعات وهمية تؤيدها وهكذا نرى في مسألة اقرار الدستور العراقي وقضية التسمية وكيف تحولت بفضلهم وبفضل بعض من اعجبته لعبتهم والتي سميتها حينها بالعرضحالجية. الى مهزلة ادت الى تشويه سمعة اهتزاز مكانة شعبنا ونظرة الجميع على اننا شعب يتفهم الحوار الديمقراطي والحريات الفردية.
ولو مررنا بمفاصل اخرى سنجد عين المحاولات سواء في مؤتمر نيويورك او مؤتمر لندن، او تشكيل مجلس الحكم او مؤتمر بغداد لعام 2003 . ولازالت محاولات تسميم فضاءنا الثقافي مستمرة من خلال الحركة ومؤيدوها وانصارها ممن لم تعد لهم خطوة للتراجع لانهم انغمسوا في القذارة والتهجم على الناس بحجة الدفاع عن الحركة الديمقراطية الاشورية التي تلوثت بفعل اعضاءها وعلاقاتهم. والتي كنا نرى بعدم اثارة الكثير منها الا من خلال الاشارة لكي يفهم البعض ويدرك اننا نرمي الى بناء حوار حضاري قائم على تبادل الافكار والاراء للوصول الى حلول معقولة وليس مسلوقة تنبت في راس شخص واحد ومن ثم يحاول ان يسوقها على اعضاء قيادته على انها الافضل لانها الوحيدة التي كانت متاحة.
لم يعد مقبولا ان يصمت الجميع ويعتقد انها معركة كسر العظم، بين هذا الشخص وهذا التنظيم، بل على الجميع ان يدرك ان مسألة تصحيح المسار واقامة اسس الحوار البناء مسؤولية الجميع، وعليهم ان يشاركوا فيها بادانة كل هذه الممارسات الغبية والتي لا تزال مستمرة لحد الان. لقد سكت الكثيرين حينما عملت الحركة على تقسيم كنيسة المشرق الاشورية، برغم من علمهم ان المسألة ستكلف شعبنا الكثير وسنقدم الكثير من التضحيات. فالسؤال الى متى السكوت اذا، ونحن لانزال نقدم هذه التضحيات من خلال تسميم كل مجالات نقاشات شعبنا؟

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,888574.msg7594728.html

One comment

  1. William Youkhana[TAMO]

    Congratulations for this new website and I enjoyed alot reading your post which shed a light on our Nations parties in the 1990 “s and now it is very clear that the same party is continuing to devide our Nation more and more …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *